بقلم د .صالح وهبة
إذا فقد الإنسان ثروته فقد شيء، وإذا فقد احترام الناس له ، فقد كل شيء.. فقد هويته ..فقد كينونته ..فقد مكانته..فقد شخصيته ..
فقد الوقود الذي يدور به عجلات حياته ،
وحاد عن المسار الصحيح لتحقيق ذاته
لكن !!
ثق تماما ..
أنت المسؤول الأول والأوحد عن كسب هذا الاحترام
أنت من تصنع هذه القيمة في معمل حياتك لتفوز بمنتج جميل يدعي ..”قيمتك وتقديرك عند الناس”..
ولا تنس !
هذا المنتج يحتاج لمادة حافظة لاستمراره وبقائه فى أحسن صورة..
هذه المادة تتجسد في (احترامك لذاتك واحترامك للناس )
بمعنى آخر ..
لكي تحظى باحترام الناس ، وجب عليك تحترم نفسك وتحترم الناس ..
والسؤال…كيف يتحقق ذلك ؟
هذا هو ما نحن بصدده …ونريد توضيحه باستفاضة في هذا المقال ….
دعنا أولا.. تنعرف على أنواع الاحترام :
(١) احترام كاذب
يتجسد في الهالة التي يرسمها الشخص لنفسه مثل (لبسه .. ممتلكاته ..موديل عربيته ..ماركة ساعة ونضارته وحذائه… وما شابه ذلك …
فتجده يرتدي عباءة احترام مزركشه وليست على مقاسه
وإذا زالت زال هذا الشخص وسقطت كل أقنعته المشوهة ..
(٢). احترام مؤقت
خاص بالمناصب مثل ..« وزير ..وكيل وزارة ..مدير عام ..رئيس مجلس إدارة.. نائب، … »
الناس فقط تحترم منصبه وليس شخصه، وسرعان ما يزول هذا الاحترام بزوال المنصب ..
وبعدها يكتب في هويته أو بطاقة الرقم القومي
هذه الكلمة التي تلي بند الوظيفة …”سابقا “
مثل “وكيل وزارة سابقا ” أو “بالمعاش”…
(٣) احترافي حقيقي …
هنا ..الناس تحترمك فقط
«لشخصك.. لذاتك.. لقدراتك.. لإمكاناتك …لسلوكياتك ..لإنجازاتك ..لأخلاقك .. »
احترام طويل المدي …لا يقترن بمصلحة شخصية .. ولا بمنصب .. ولا جاه ..ولا نفوذ…. ولا ديكتاتورية.. ولا مظهرية
احترام حقيقي نقي…
كيف تجعل الناس تحترمك ؟
(١) احترامك لذاتك ..
اعرف نفسك .. “إنك أنت هو أنت”.. كن عزيز النفس ..اعرف قدرك وإمكاناتك..
فلا تدعي المعرفة في أمر أنت تجهله….على رأي المثل الفرنسي “Cavour. Cetavoir ..الزم حدودك واحترم خصوصياتك ..
اعرف كل ما تقول ولا تقول كل ما تعرف ..
زن كلامك قبل خروجه من لسانك وليس معنى ذلك أن تصمت فللصمت أوان وللكلام أوان والشاطر الذي يحسن التوقيت ..
ربنا خلق لنا فم نتكلم به واذنين نسمع بهما وعقل يحلل ما نسمع فعليك (تنصت ..تحلل ..تتكلم ) بالترتيب حتى تكون هيأت نفسك وعندك خلفية للرد
يحضرني في ذلك
شاب صغير كان يجلس في مجلس شيوخ الشعراء (كلهم كبار سن وملتحين ) يلقون أشعارهم..
وبعدهم ألقى الشاب بيت شعر جميل ، فقال له أحد الشيوخ :كيف تشعر يابني وأنت غير مشعر ؟ فرد عليه قائلا: لو كان الشعر باللحى ، لكان. التيس أحكم الناس ..ودقت القاعة بالضحك ..
(٢) ..اعتن بمظهرك
هل تعلم أن :
أول 30 ثانية تقابل فيهم الناس ، يحكموا فيها عليك …
الناس في هذه الأثناء لا يعنيهم كثيرا كلامك ولا شكلك ..يعنيهم مظهرك وبعدها يبدأوا يركبوا الأشياء والتفاصيل الأخرى عليك ..
والجدير بالذكر ..
المظهر هنا ليس في قيمة الشيء الذي تلبسه ولكن المهم في الشياكة والتناسق وانسجام الألوان..فمثلا لا تلبس أشياء ملخبطة تلفت انتباه الناس (لبسك يكون شديد البساطة ، شديد الأناقة) …
الاهتمام بالمظهر جزء من جمال النفس الإنسانية ، بأن “أعين الناس تشوفك، ترتاح لك ” لكن لا أبالغ فيه لدرجة تلفت الأنظار ولا يعرضني للانتقاد (كل فئة عمرية لها لبس معين ولها style معين
(٣) احترم الناس …
ابن سمعتك .. اصنع صورة رائعة عن نفسك ..كن عند كلمتك ..احترم وقتك ومواعيدك مع نفسك ومع الناس ..احترم ردود أفعالك ..
كن خدوما إيجابيا، ..اظهر الجانب الجميل مهما كنت متعب ..(فلا تكن كثير الشكوى..الناس مش ناقصة هم ونكد )
(٤) انصت للناس واقرأ ما بأعينهم ..
هنا نقصد listening وليس hearing … ولا تقاطع أحد أثناء كلامه وتنط في منتصف الحديث مثل عفريت العلبة !
(اعط مساحة للناس كي تتحدث وانصت إليهم بكل جوارحك، حتى تعطي لدماغك فرصة يحلل شخصيتهم .. وتخرج بخلاصة، وبعدها تخاطبهم على قدر عقولهم … ولا يكون هدفك الرئيس (إنك نكسب القعدة)
على رأي الحكيم :
ليكن كل إنسان مسرعا في الاستماع ،مبطئا في الكلام ، بطيئا في الغضب ..
.. لا تجعل لسانك يسبق عقلك .. فليس كل من أتقن الحروف ، تعلم الكلام
(٥) احترم وجود الناس ..
ركز مع المتحدث ..الشيء المخزل والمؤسف ومن العادات السيئة ..
أنك تنشغل في أشياء وأنت جالس مع أصحابك وهم يتحدثون مثل ..(ماسك الموبايل وفي عالم تاني وتقول للمتحدث : قول .. أنا سامعك )
وإيدك بتعمل scrolling ( تقليب في الموبايل رايح جاي to and fro )
أو ..تنظر إلى السقف أو للساعة أو اللبس وتتجول بعينيك هنا وهناك….
مطلوب منك …
احترام وجود الناس وأنت تحادثهم أو تحاضرهم تنظر الي أعينهم … ( إلى نقطة منتصف المثلث العلوي والذي رؤوسه تتكون نقطتي الكتف والرأس ) ونقطة منتصف المثلث هنا هي أعينهم ..
حتى في المسرحيات ..
الممثل الناجح يتفاعل مع الجمهور ويشاركهم معه وخاصة من الجالسين في المقاعد الأمامية..ويعيش معهم في قصة حقيقية وكأنه لا يمثل ..
كذلك المحاضر الناجح الذي يتفاعل مع الطلاب ويتناقش معهم ويجيب على أسئلتهم
(٦) لا تغتاب أحد ..كن أمينًا honest ولو أخطأت اعترف بخطئك…كن حقيقيا authentic, كن على طبيعتك ..لا تكون متكلف ولا ممثل ..إحكي حقائق ثابتة (فلا تقول سمعت كذه….) ..لا تنقل كلام منقول من كلام ….عبر عن امتنانك وشكرك للناس بكلمة طيبة ..التزم بوعودك معهم ..لا تأخذ قرار وأنت غاضب ولا تعطي وعودًا وأنت مبسوط .. كن متواضعا.. فالله ينزل الأعزاء عن الكراسي ويرفع المتضعين ..قبل أن تنطق الكلمة فكر جيدا ، فإن خرجت بدون تفكير جرجت ولا ترتد ..
عندما تسمع الناس لا تبدأ كلامك بكلمة” لا ” ..فيه ناس عندها خاصية الاعتراض على الصح والخطأ لإثبات وجودها
وفي الآخر ممكن يكون رأيه( وهو أصلا الرأي الأول الذي إعترض عليه)
وفي النهاية …قيمتك في احترام ذاتك واحترامك للناس