فن وثقافةمنوعات

هارون الكيلاني وفكرة الإحسان الثقافي بولاية الأغواط الجزائرية. 

وقت النشر : 2025/01/26 10:44:20 AM

هارون الكيلاني وفكرة الإحسان الثقافي بولاية الأغواط الجزائرية.

 

كتبت: عائشة عمي

 

من قلب الأغواط النابض بالعلم والثقافة يعود المخرج والفنان هارون الكيلاني إلى حراك هادئ حراك ثقافي فكري يستحضر فيه مع مجموعة مثقفي ومفكري الولاية أمجاد هذه المنطقة التي أنجبت رجالات سلاحهم القلم وذخيرتهم الفكر والثقافة ، وبلا ريب أن هذه المبادرة لقيت استحسان الجميع ولأن التواضع أساس مجالس العطاء الفكري والثقافي فكانت المنازل أحسن مكان لاحتضان هذه الخطوة الإيجابية. من بين الأسر التي فتحت أبوابها لهذا الخير الثقافي:

 

‏ • بيت الراحل شيخ الثقافة في الأغواط .سيد من سادة الأندلسي الكاتب و الشاعر و المؤلف الموسيقي و المسرحي الممثل و المخرج و الكوريغراف ( الري مالك ) او محمد الجودي .في كل هؤلاء يجري دم الري مالك الأغواطي الأصيل سليل شهداء 4ديسمبر 1852

•حمزة زايدي ورفقائه من شباب تاجموت أصحاب مبادرة إنشاء دار الأغا ببساتين تاجموت

• الأستاذ و المعلم و الامام عباس بن تواتي

• السيد محمود قيساري

 

‏بمشاركة أئمة ومشايخ العلم والفكر من ولاية الأغواط مدينة الثقافة وحضارة عريقة نلمس وهجها في أبنائها الساعيين بكل محبة وإخلاص إعادة نور العلم إلى الساحات والشوارع، وهذا النور لابد أن ينطلق من الأسرة و على خطى القدوات من أهل العلم .

وإشارة إلى أهمية الأسرة في إنتاج فرد مثقف وله فكر صحي ، بل لزوم إشراك الأسرة في هذه المحادثات والمحاضرات فالثقافة ليست حكرا على أحد والإستفادة من أهل الاختصاص لايكون موجه إلى فئة معينة في نظر هارون الكيلاني عدم الخروج عن الطريق الواضح والصحيح في نقل التجارب والمحاورات الفكرية الصحية لمجتمعنا هو ليس انقلاب ثقافي وإنما هو إدراك هذا الفرد الصالح في مجتمعه وهؤولاء الصالحين المجتمعين من أجل حديث خير وإصلاح وبناء ، أن المجتمع بحاجة إلى إعادة ضبط أو الأصح أن أقول تعزيز المناعة الفكرية والثقافية للمجتمع وإيمانه بأن التغيير إلى الأحسن و الأفضل في أي مجتمع يكون على يد المثقفين

‏ تكون الثقافة شاملة لكل الجوانب وليس جانب معين فقط.

 

يريد هارون الكيلاني إعادة وهج ولايته الأغواط النابض بعقول فكرية سليمة وأئمة متفقهين في الدين الإسلامي و مثقفين من النخبة ، هكذا مؤانسات هي مهمة وثمينة تكتب التاريخ بخيوط من أرواح صالحة ، هي من تعزز الروابط بين الأجيال و طريق أو ممر سهل ومريح أكثر ضمانا لنقل صادق للتجارب والخبرات الغزيزة لرواد هذه الفكرة وسأسمح لنفسي بتسميتهم رواد وافدين بالخير ، كشف الداء ووضع الدواء ، هي وسيلة لبعث الثقة وزرع الأمل ، أن الجيد ليكون رائجا ومستمرا في المجتمع يكون بزيادة الوعي لدى الفرد والتوعية السبيل إليها يتصل بعدة وجوه منها التلقين الواعي المطالعة الواعية القدوة الواعية الرفقة الواعية.

الأولى تكون من طرف الآباء .

الثانية تتعلق بالقراءة المفيدة والكتب القيمة والمجلات والمخطوطات التي تعطي للفرد معرفة إضافية .

الثالثة المرشد الذي وهب العلم والمعرفة الذي يكون له الأحقية في تقديم التوجيه السليم والمناصحة وحتى الاصلاح النفسي للفرد .

الرابعة رفقة الصالحين المتميزين الذين يجمعون بين فضيلة الصلاح وفضيلة النضج العقلي والوعي الاجتماعي والفهم الاسلامي.

 

أجمل مقاله هارون الكيلاني مادمت وضعت يدي على المصحف الشريف ذهب الخوف و زادت الشحنة الإيجابية وذهب التردد وظهرت لنا العزيمة على أن نضع بصمة خير ونجاهد ثقافيا وندافع عن الوطن فنحن جيش يحارب للقضاء على السلبية الفكرية وعلى مخلفات ذهنية لاتليق بمجتمعنا المعروف عنه باحترام العلم وأهله مثلنا مثل الجيش الجزائري الذي يصون هذا الوطن من أي عدوان ونحن واجبنا أن نناضل من أجل ازدهار وتطوير جزائرنا الحبيبة مؤكدا عدم انتماء إلى أي جهة سوى الجزائر وولاية أغواط الجزائرية .

 

هنا يمكننا القول أن الانفتاح على هكذا حوارات ومجالسات متأدبة هي بمثابة بوابة تسمح بالمكاشفة والوضوح وإزاحة المبهم ، وإعادة صناعة مصنع الإنسان، وإعادة النظر في سلوكياته وخلقياته بعد ظهور عوامل ومسببات معينة جعلته يعود إلى حياة الجهل والركض السريع نحو اتجاهات رائجة لدى دول ليس لها ضوابط وليس لها حد لماهو غير متوافق مع الطبيعة الإنسانية ، إذا هي فرصة ثمينة للإصلاح وزيادة اللحمة الأخوية والوطنية لدى المجتمع ككل وهذه اللقاءات ليست بغريبة لدى المجتمع الجزائري على العموم و المجتمع الأغواطي على الخصوص ، بل الغريب أن تنعدم هكذا جلسات ثقافية إصلاحية وتربوية في نفس الوقت خاصة للناشئة كما نعلم جميعا أن التربية تشمل التربية الفكرية وهي توعية وتثقيف وتعليم ، مصاحبة الصغار للكبار ومصاحبة الكبار للصغار أن يتربى الناشئة على يد أهل العلم الحقيقين وهكذا ضمان نموهم الفكري بشكل سليم. وهذه هي قاعدة الوقاية من الفكر الدخيل ، فالمجتمع الجزائري محافظ لأبعد حدود وله نزعة جميلة وشديدة على كل فكر يحاول سلبه فطرته السليمة .

 

هذه المجالس التي يتأمل من خلالها هارون الكيلاني والنجباء من أهل العلم والثقافة المساندة من الجميع ،

‏يجب أن تكون عادة مستمرة فهي ضمن عادات الشعب الجزائري المثقف والنخبة هي المحرك الرئيسي ، غياب التوعية الثقافية الصحية هي غياب للمثقف العاقل ، إذا الثقافة في المجتمع هي صمام أمان تحفظ الأفراد من التشتت والضياع والانصياع لأصحاب الفكر الرديء الدخيل عن مجتمعنا المحافظ ، مكان المثقف ليس وراء جدران بيته وليس وراء لوحة مفاتيح بل الميدان ، الواقع. وعدم التفكير في المقابل من وراء أداء الواجب بل التفكير كيف نترك منافع وأثر ، ما سنورثه للأجيال، على كتابة تاريخ غير موسوم بالعار والرداءة.

 

 

هارون الكيلاني و أولئك الذين ساندوا فكرة الإحسان للمجتمع أو لوطنهم هم في الحقيقة أكثر إيثارا وأكثر إحسانا فهم ، مجاهدي الإصلاح و تثبيت الرواسخ الوطنية في الفرد ، من يعطيك من ماله يغنيك ومن يعطيك من فكره ينجيك من مطبات الفراغ ومن ملهيات الضياع . وإدراكهم بأن هذا العمل الفكري الخيري هو مسؤولية مترابطة ، متلازمة ليكون الفرد سويا يقوم بواجب ويؤدي رسالة وينهض بمسؤولية. وأختم بهذه العبارة فما أحسن الإيمان حين يؤاخي الفكر وما أجمل الأخلاق حين تواكب الصحة .

حسام كرم

اللهم إجعل لي أثر في الدُنيا كأثر إبراهيم عليه السلام -

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى