مفاتيح السعادة الزوجية
القس بولا فؤاد.. يكتب
يحتفل العالم في يوم 14 فبراير من كل عام بعيد الحب (Valentine):
ما حكاية الفلانتين؟
نسبة إلى القديس فلانتين، وهو قديس روماني من القرن الثالث الميلادي، مشهور، ترجع قصته أنه كاهن مسيحي وكان يزوج المسيحيين فيما بينهم حيث كان سر الزواج في المسيحية موجود في ذلك الوقت، ونظرا لأن المسيحية كانت ممنوعة في الإمبراطورية الرومانية فكان يُعاقب كل من يمارس أحد أسرار الكنيسة، وبسبب ذلك اعتقلته السلطات الرومانية وحكمت عليه بالإعدام فأشتهر منذ ذلك الوقت بأنه شهيد الحب والعشاق لأنه ضحى بحياته لأجل سر الزواج.
وتحتفل الكنيسة الكاثوليكية مع بعض الكنائس البروتستانتية بذكراه في يوم ١٤ فبراير بينما تحتفل الكنائس الأرثوذكسية بذكراه في يوم ٣٠ يوليو من كل عام.
ونود أن نركز على الحب بين الزوجين لكي ما تنعم الأسرة بالاستقرار والسلام، وأساس ذلك وجود المحبة فنحن لا نحتاج إلى عيد للحب إنما نحتاج الحب نفسه
وهناك خمسة مفاتيح للسعادة الزوجية:
١-النضوج
٢-التواصل
٣-الخضوع
٤-الصلاة
٥-الحب
١-النضوج
إن اول مفتاح يضمن السعادة في الحياة الزوجية هو النضوج، والنضوج يُعني التحرر من الأنانية، والتخلي عن الدوافع الشخصية.
نصف الأطفال بالأنانية إذ انهم يطلبون م يريدونه بسرعة ولتحقيق رغبة شخصية دون النظر إلى مناسبة ذلك بالنسبة للأخرين ولهذا نصفهم بعدم النضج.
ويلاحظ أن الكثير من الصراعات الزوجية تحدث عادة كنتيجة لطغيان الدافع الشخصي لأحد الزوجين دون النظر إلى اهتمامات الطرف الأخر، لذا يجب على كلا الزوجين يقررا سبيل مختلف يهدف إلى إسعاد الزوج الاخر اولاً “لاَ تَنْظُرُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لِنَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لآخَرِينَ أَيْضًا.” (فيلبي ٤:٢)
علينا إذا ونحن نحتفل بعيد الحب (Valentine) أن يصلح كلا من الزوجين ما قد تلف (ما سببته الأنانية) وذلك باتخاذ سلوك مختلف، وأن يدرب كلاً من الزوجين نفسه على التحلي بالروح الوديعة التي تقدم الاعتذار عند الخطأ.
٢- الخضوع
قيل أنه (لا يمكن ان تقاد سفينة واحدة بواسطة ربانين) إن هذا المثل حقيقي جدا، ولعل أحد الأسباب التي تؤدي إلى انهيار العلاقة الزوجية هو عدم خضوع الزوجين لبعضهما.
وأحد التبريرات أن الخضوع يندرج تحت التقاليد القديمة، ولكن ثبت عندما تنطفئ روح الخضوع في البيت ينطفئ معها ايضا روح الفرح.
لقد دبر الله أن يكون الرجل هو القائد للبيت، لذا فإن عدم خضوع المرأة لزوجها هو كسر لوصية إلهية “أَيُّهَا النِّسَاءُ اخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا لِلرَّبِّ، لأَنَّ الرَّجُلَ هُوَ رَأْسُ الْمَرْأَةِ” (أفسس ٥: ٢٣،٢٢)
فالخضوع هو أحد الادوات الهامة التي يستخدمها الله لتحقيق السعادة الزوجية، والخضوع هنا هو خضوع المحبة وليس خضوع الإذعان والاستعباد.
إن زرع بذار الطاعة والخضوع يقود إلى جني حصاد البركة والسعادة والعكس صحيح تماما.
٣-الحب
لا توجد كلمة على الإطلاق استهلك استخدامها، وتشوه معناها، وأسئ فهمها أكثر من هذه الكلمة (الحب) فهي في كثير من الأحيان تقال لتصف الإنجذاب الجسدي، الشهوة، الرغبة الشخصية، التعاطف.
الحب مش كلمة من حرفين، الحب مش ورد وقلوب وشموع وبلالين، الحب أحساس وشعور ومسؤولية، وحمل بيشيله كتفين، يوم ما يضعف كتف منهم التاني يكون سند ومعين، الحب بيكون فعلا عظيم لما يكون بين شخصين مخلصين متفاهمين، الحب اللي بيعيش بيكون أساسه هو الله -الله محبة- والإيمان بأن الله هو الذي يفرح ويكمل ويعين.
والكتاب المقدس يخبرنا عن الحب عن النحو التالي
“الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ، وَلاَ تَنْتَفِخُ، وَلاَ تُقَبِّحُ، وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا، وَلاَ تَحْتَدُّ، وَلاَ تَظُنُّ السوء، وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ، وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ، وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا” (١ كو ١٣: ٤-٨)
هل المحبة القائمة بين أي زوجين تتفق مع مقاييس المحبة السابق ذكرها
صفات الحب الزيجي
أ- حب إرادي
ب- حب معُطي بلا مقابل
ج- حب مملوء بالاحترام
د- حب مملوء بالثقة
ه- حب ممتع
٤- التواصل
أحد الاسباب التي تؤدي إلى فشل او تعثر الحياة الزوجية هو الافتقار للغة التواصل والتفاهم بين الزوجين فبعد أن كان في فترة الخطوبة مسترسلين في الحديث وتبادل وجهات النظر بتفهم وهدوء ولكن يبدو أن المسؤوليات وضغوط الحياة وكثرة متطلبات الأسرة قد تضعف من إمكانية التواصل مما يؤدي إلى فتور العلاقة بين الزوجين ويظهر ذلك في أحد الصور التالية:
أ- الانفجار أثناء الحديث والمناقشة، وهو رد فعل لغضب مكبوت وهي طريقة ضعيفة للتعبير عن الغضب عادة يستخدمها الرجال.
ب- الدموع عادة تستخدمها النساء، وعلى الرجل أن يميز بين الدموع التي تسيل بسبب العاطفة والضغط أو الفرح أو الشفقة على النفس
ج- الصمت
يلجأ إليه الكثيرين لحل وسط ما بين الانفجار في الحديث، والدموع إلا أن الصمت هو سلاح غاية في الخطورة والسبب وراء ذلك يرجع إلى أن الصمت كسر للتواصل بين الزوجين مما يسبب أثار نفسية وخيمة على الطرفين وكبت الغضب يسبب أمراض مختلفة كارتفاع ضغط الدم وغيره من الأمراض
الأسلوب الأمثل للتواصل بين الزوجين
١-على كلا من الزوجين أن يعبر عما بداخله بالعتاب وروح المحبة ووجود هذه الروح أثناء الحديث حتى في أوقات لفت الانتباه للطرف الأخر لشأن قد اغضبه.
٢- لا تفقدوا أعصابكم وتذكروا دائما ان الحكمة تأتي حيث الهدوء
٣- لا تكرروا اعتراضكم على أمر ما بل عبروا عما بداخلكم مرة واحدة
٤- لا تتخذوا دائما الموقف الدفاعي بل اتركوا الفرصة لتعبير كلا منكما عن وجهة نظره ولابد ان يكون لديكما المرونة في استقبال رأي الأخر، الذي غالبا يكون مخالفا لرأيك
٥- لابد أن تتسم بالموضوعية رغبة في الوصول لنقطة تلاقي ولإيجاد الحلول ولا يضع أحد في ذهنه أنه على حق على حساب مشاعر الطرف الأخر
٦- تذكروا دائما ان كل المشاكل تحل بالصلاة لذلك لابد من الالتجاء للصلاة لكي يحفظ الله وحدتكما سويا بالرغم من أعباء الحياة الكثيرة اطرحها أمام الله وأطلبا من الله أن يعطيكما الحكمة لقيادة بيتكما.
اصدقائي الأعزاء لقد دبر الله أن تكون حياتكم الزوجية ممتلئة بالسعادة والحب فإذ كنتما ترغبان في ذلك عليكما أن تلجئا إلى الصلاة لله لكي ما يعطيكما الحب الدائم.
كل عيد حب وكل البشرية سعداء، كل عام وأنتم في ملء الحب والسعادة والسرور.
“القس بولا فؤاد رياض”
“كاهن كنيسة مارجرجس المطرية “