كتاب ومقالات

“كمال قرور” مصباح من المصابيح المثقفة بالجزائر

الكاتب كمال قرور مصباح من المصابيح المثقفة بالجزائر .

عائشة عمي.. تكتب

من هو كمال قرور

كمال قرور كاتب وناشر مبادر يحمل هم المجتمع بفكره و يطرح انشغالات كثيرة من خلال أفكاره وكتاباته ، يعتبر من النخبة الجزائرية بامتياز كالنخب التي كانت موجودة في المقاومة الفكرية ضد الغزو الثقافي والفكري الفرنسي إبان الثورة التحريرية المجيدة ، ولن أسمح لنفسي أن أصنفه في طابور أي نخبة موجودة الآن في مجتمعنا العربي، بحكم أنه صاحب فكر عميق ومختلف و حامل رؤى متنوعة ومتجددة، حتى إن حاولت أن تصنفه ستقول في نفسك تصنيف كمال قرور هو ارتكاب جريمة بحقه، فهو يشبه إلى حد كبير كتاب جيد لا يقبل أن يكون في متناول الرفوف للزينة ولا أن يكون عنوان بأي جريدة أو كتاب كاسم فقط ، بل يريد أن يكون الكاتب الإنسان الذي يشير لك إلى مواطن الداء والطبيب الذي يقترح عليك وصفة علاج تساعد على الخروج من دائرة الخطر والجندي الذي يحارب بقلمه ويحميك ببندقية فكره .

أطلق هذا المناضل مبادرة وهي بناء جسر متين بين الماضي والحاضر يمهد للمستقبل القريب أو البعيد ، وهي سلسلة العلماء والأدباء الجزائريين في كتاب السيرة والتراجم وهي مبادرة جد راقية بشهادة الجميع من القراء والأساتذة والباحثين فهي بمثابة مادة مساعدة يمكن الرجوع إليها للاستدلال باعتبارها مرجعية علمية تعتمد على مصادر ومراجع موثوقة،

وقد صدرت عدة كتب أو كتيبات منها، عند القراءة تلتمس العناية من كتابها ودراسة الشخصية دراسة حثيثة لا تقزيم ولا تشويه لها، فأحيانا يمكن للكاتب أن يسيء بطريقة غير مقصودة للمكتوب عنه وقد أدرك هذه النقطة الكاتب كمال قرور باعتبار النقل والتدوين مسؤولية كبيرة فمبالك إن كانت الكتابة عن شخصية عالمة وأديبة لها أثر كبير في المجتمع و في إبراز الثقافة الجزائرية والعربية و دورها الرائع في الإصلاح التعليمي و الثقافي والاجتماعي و الاقتصادي والسياسي … الخ .

أجمل مافي المبادرة أن الكاتب والناشر كمال قرور لم يقزم المكتوب عنهم حتى في الكتاب، فعندما تتفحص الكتب من هكذا نوع كتاب جامع بقائمة أسماء وكل سيرة كاتب منهم ربما تأخذ مساحة ثلاثة أوراق أو أكثر منها بصفحتين

ربما يرجع إلى ظروف مادية بالدرجة الأولى إن كان الكاتب هو صاحب المبادرة فيكتب باختصار عن الشخصية لربح المساحة لإضافة كاتب آخر بالرغم من حسن نوايا الكاتب ولكن يبقى هذا الأمر قليل ولا يعطي الحق الكامل وربما هذا الذي يشعره به الكاتب نفسه بأن هذا قليل جدا خاصة إن كانت له نتائج بحث وافرة لا يجد المساحة الكافية ويبقى مجهود نثمنه بما أنه يوفر مادة مرجعية .

ومساحة هذا الكتيب التعريفي الذي أتاحه الكاتب والناشر كمال قرور هو مساحة كافية بنسبة معينة وهي أفضل بكثير من سابقتها . وهو بمثابة شهادة خاصة سواء لمن فارقوا الحياة أو من لازالوا أحياء،

وعلى سيرة العلماء والكتاب الأحياء لم يستثني هذا المبادر الشخصيات الحية بل شجع للكتابة عنها لأنه يعلم جيدا مايعنيه التقدير وكلمة الشكر للذي يخدم وطنه ويخلص له فكل ما يبذل بالعقل يشيب الرأس وويزيد حكاكه وبالتالي التفكير الذي يبقى ملازم لصاحب الفكر متعب ومجهد جدا ، فهو لا يحمل مسؤولية نفسه وعائلته فقط بل مصير مجتمع وأمة .

تعتبر هذه السلسلة إنجاز مهم وإشارة منه إلى أهمية العالم والأديب في المجتمع ، ولايمكن بناء أي مجتمع دون الاعتماد على مفكرين وعلى النخب الموجودة فيه ، والتطوير والازدهار في كل المجالات تعتمد على الفقيه والعالم والكاتب والمثقف و غيرهم.

كمال قرور “صاحب الكينونة”

اسمحوا لي أن ألقبه بصاحب ” الكينونة الحائرة” لم يكتفي صاحب هذه السلسلة بهذه المبادرة فقط بل بادر بتكوين مكتبات حسب الإمكانية المادية في محطات البنزين بنقل الكتاب هناك وكأنه يقول ويصرح من خلال هذه المبادرة والخرجة الغير مسبوقة ” أن الكتاب فرض ستكون عقوبة التخلي عنه جنون عقلك ، هذا الكتاب هو شفاء لك من الحيرة والقلق والتشكيك من خلال السؤال الذي يشغلك به عقلك ، لتذهب عنك الوساوس الفكرية القهرية الزم الكتب ، وهي حب من نوع آخر لاتسوده أنانية ونرجسية لأن النرجسي من يريد التفتح أو الازهرار أمامه يقتله ، لكن كمال قرور كاتب ومثقف وناشر مختلف .

من خلال هذا العمل أولا سأعتبره متطوع و مبادرته عمل تطوعي حتى لو كانت من المكتبات مداخيل بسيطة فتلك الإيرادات أراها تذهب في مصاريف النقل و الكراء و أشياء أخرى، يعتبر تطوعي لأنه لا يخدم مصلحته الشخصية وإنما مصلحة ذات فائدة مجتمعية بالدرجة الأولى ، فالهدف الأسمى لكمال قرور هو البناء الحضاري بطريقة سلمية وراقية لايشوبها عنف أو تعنيف أو خوف أو ردة أو تراجع إلى عصور الجاهلية ، وبحكم أن الإنسان من قوم إقرأ فوجب عليه أن يقرأ كل شيء بالقرآن والكتب المفسرة له وبكتب من فكر آخر لتفهم كيف تحمي مجتمعك. لابد من الموازنة بين الجانب الروحي والعقلي وإلى غير ذلك .

هي إشارة أيضاً إلى أن الفرد لا يحتاج إلى مصدر واحد للمعلومة أو معرفة واحدة بل إلى معلومات تفوق زبد البحر في كثافته وثقله أو خفته، إلى معارف من مختلف أقطاب العالم وليس بلغة واحدة إلى لغات أخرى وكلما تهذب اللسان بلغة جديدة كلما كان سهل عليه أن يأخذ المعلومة ويوظفها ، ولا يجب للمرء أن يحصر نفسه في قوقعة جهل الشيء أو الأشياء أو تسييج نفسه بسياج شائك أو أن يلف نفسه بلفافة مضادة للفكر من عقل لا يفكر بمثل منطقك فالاختلاف لا يفسد الود فهذا الاختلاف لصالح المجتمع الواحد بشرط أن لا يكون سلبي بل إيجابي يبعث على الأمل والتفاؤل ويخدم الجيل الاحق. مابين قوسين صاحب الأثر والبصمة أو الضمير يفكر دائما في حق الأجيال من الصناعة الفكرية والثقافية والاقتصادية .

إن سألتم محسوبتكم عن بداية مساره سأجيبكم نيابة عنه أن المسار الفعلي لكمال قرور بدأ من خلال تجاربه الكثيرة الممتعة ، المؤلمة ، الحزينة ، المفرحة بالسقوط والنهوض وبتكَونْ الوعي والإدراك السؤال داخله .

من الطرح و الاقتراح والعلاج وطرح فكره في قالب مختلف قد يراه البعض الدعوة الجادة للإصلاح الشامل في كافة المجالات والنهضة المجتمعية وقد يراه البعض على أنه مجرد استفزاز سيمل منه ويهدأ .

كمال قرور يذكرني

كمال قرور يذكرني بنهضة الصين في كافة الأصعدة والمجالات وبأقلام روادها الإصلاحيين فالتغيير بدأ بداخل نفوس عقلائها أي عقولها قبل أن يبدأ بعامة شعبها وتم نقل هذا التغيير من قلب الجامعة ودور النشر وغيرها ليحتضنها الشعب فكان هذا هو التشارك ووضع الكل في الصورة بما أن التغيير قرار مجتمعي قبل أن يكون قرار فردي .هذا عندما كانت النخبة نخبة اسم على مسمى ، فالتغيير والإصلاح مرتبط دائما بأهل القلم سواء الفكر أو الثقافة وإن وجدنا أي خلل بمجتمع فالسبب راجع لأقلامها .

هناك من رأى هذه المحاولات وهم وهناك من آمن بالأفكار وايجابية المساعي واعتبارها حلم قابل للتحقيق وقابل للتمرير
.

ربما مايعز على نفس كمال قرور أن نرى صاحب القلم دخيل على مجتمعه ، وأن ينظر له فقط من خلال مهنته أن نتعرف عليه من خلالها فنقول عامل ، موظف ، معلم ، أستاذ ، حرفي ..إلخ والمزعج أن يكون الكتاب في مجتمعنا منسيا في المكتبات وهذه هي الأزمة الفعلية هي أزمة مجتمعية ويكون الفرد فيها ضحية أو حبيس القفص وهنا يطرح انشغالا مهما دور النخبة أو الصفوة في المعالجة المجتمعية وكيف يمكنها تقليص هذه الفجوة وتكوين فكر سليم يحمي الأفراد من الاستيلاب الفكري والغزو الثقافي.

كمال قرور مع ام ضد؟

كمال قرور ليس ضد أي نخبة أو تكتل ثقافي في المجتمع وليس ضد أي مثقف بل هو في الحقيقة حائر لما تنزوي النخب في الزاوية أو تختبأ خلف ستار الخوف سواء كانت هذه النخب تنتمي إلى نخبةالإرادة ، أو المعرفة، القدوة، الحياة أو الوجود ليس في الجزائر فقط بل عربيا أيضاً .

بما أن كمال قرور يدعو بقلمه للإصلاح وبمجهوداته للتغيير المجتمعي فمن باب التقدير الإشادة بمجهوداته ومساعية الإيجابية الخادمة لصحوة العقول و الضمائر المثقفة والنخب للعودة إلى مكانتها وإحداث التغيير الذي يجب أن يكون بمجتمع أو مجتمعات تنسب لقوم إقرأ .
وقد سمح لي الحديث عن كمال قرور الحصول على إجابة إلى أين تذهب الكتب بعد الصالونات والمعارض .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى