كتاب ومقالات

عالمنا اليوم

الدكتور أمين العليمي يكتب..

عالمنا اليوم

في عالمنا اليوم نعيش زمن تتسارع فيه الأحداث وتتفاقم فيه الصراعات، يشعر المرء كما لو أن الأرض تهتز تحت قدميه في كل زاوية من زوايا هذا الكوكب،
تبرز مشكلات عدم الالتزام، غش، خداع، كذب، انعدام المصداقية، وكأنها أشباح تتربص بأحلامنا وآمالنا، هذه الأشباح لا تقتصر على الساحات الدولية أو الوطنية فقط، بل تتسلل إلى داخل بيوتنا، تلامس أرواحنا وتثقل قلوبنا بالحزن والأسى

على مستوى العالم، نرى كيف تتلاشى الثقة بين الدول كما يتلاشى الضباب في شمس الصباح، الاتفاقيات الدولية تُنتهك، والتجارة تُلوث بالغش، مما يزيد من انعدم للاستقرار، في هذا المشهد المظلم، تبدو العلاقات بين الأمم كخيوط رفيعة مهددة بالانقطاع في أي لحظة، هذا التصدع في العلاقات الدولية يتركنا في حالة من القلق والتوتر، وكأننا نترقب دوماً العاصفة القادمة،

أما على الصعيد الوطني، فإن الفساد والغش ينخران في جسد المجتمع كما ينخر السوس في الخشب، المواطنون يفقدون الثقة في كل شئ،
يشعرون أن العدالة قد أصبحت مجرد كلمة جوفاء، وأن الحقوق والواجبات تُوزع بشكل غير عادل، هذا الشعور بالظلم يمزق أوصال الانتماء والمسؤولية الوطنية، ويجعلنا نتساءل

أين ذهب الحلم بالمجتمع العادل والنزيه؟

داخل الأسرة، هذا الملاذ الذي كان يجب أن يكون واحة للسلام والأمان، نجد أن مشكلات الكذب والخداع تتغلغل فيها، العلاقات الأسرية التي كانت تشدنا ببعضنا البعض، تبدأ في التفكك كحبالٍ قديمة تتآكل مع الزمن، يفقد الاب والام والأطفال ثقتهم في الثقه نفسها، وتتحول بيوتنا إلى مسارح للحيره والريبة،
هذا الألم الذي نشعر به عندما نرى أسرنا تتفكك، يترك في قلوبنا ندوبًا عميقة يصعب شفاؤها،تتعدد الأسباب وراء هذا الانهيار الأخلاقي، ضغوط اقتصادية تدفع البعض إلى سلوكيات غير أخلاقية،

تطور تكنولوجي يسهل انتشار المعلومات المضللة، وصولاً إلى تراجع القيم الأخلاقية التقليدية،

في هذا الزمن المتسارع، يبدو أن الأخلاق قد أصبحت عملة نادرة، وأن السعي وراء المكاسب السريعة قد طغى على كل شيء،بما فيها علآقآتنا الاسريه، والمجتمعية

لكن، رغم هذا الحزن العميق والأسى الذي يحيط بنا، لا يزال هناك أمل، يمكننا أن نبدأ بإعادة بناء ما تهدم من خلال تعزيز التربية الأخلاقية منذ الصغر، وتعزيز الشفافية والمساءلة في جميع القطاعات، واستخدام التكنولوجيا بشكل مسؤول،

يجب أن نعيد للعائلة دورها كحاضنة للقيم الأخلاقية، من خلال التواصل المفتوح والصادق، والأنشطة المشتركة التي تعيد بناء جسور الثقة،

في نهاية المطاف، رغم كل التحديات والصعوبات، يمكننا من خلال العمل المشترك وبث القيم الأخلاقية، بناء مجتمع أكثر نزاهة وثقة،
يبدأ هذا العمل من الأسرة، حيث يمكن لكل فرد أن يكون شعلة للصدق والأمانة، يضيء بها درب الآخرين، ويساهم في خلق عالم أفضل للجميع، في هذا الطريق الصعب، قد نمشي بقلوب مثقلة بالحزن، لكن الأمل هو ما يدفعنا للاستمرار، لأننا نؤمن بأننا نستطيع أن نصنع فرقًا، مهما كان صغيرًا .

🖋️د.امين عبد الخالق العليمي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى