كتاب ومقالات

عائشة عمي تكتب.. هارون الكيلاني المتمرد يعود

هارون الكيلاني ….. المتمرد يعود.

عائشة عمي.. تكتب

كنت قد تحدثت سابقاً عن المخرج المسرحي والسينمائي والكاتب والمخبري في مسرحة الأمكنة والفضاءات المفتوحة والسينوغراف ” هارون الكيلاني” من حاضرة الأغواط مدينة الشعر والشعراء

هارون الكيلاني رجل ذو رؤية بعدية ، اشتغل بصمت دون قيل وقال ، ربما هو من الأشخاص الذين تعرضوا للكثير من الضغوط، والكثير من الملامة والنقد ، لكنه ينهض مجدداً بشموخ في كل مرة ينحني فيها لالتقاط أنفاسه أو يجلس فيها يفكر بطريقة مختلفة ليبدع على خشبة المسرح أو خشبة الواقع ، حبه للمسرح جعل منه سلطان زمانه الفني ، جعله المحبوب الأول للجماهير التي تعشق المسرح

تدق طبول الحماس حينما يذكر اسم هذا الرجل ، إن هذا الفذ يعتمد في. كتاباته على الفكرة الجيدة المستخلصة من التاريخ، من المعرفة ، من الدين ، من التراث ، من بيئة الإنسان ويستنبط منها الجمال ، الاختلاف

لازال وفيا لصناع المسرح الجزائري ، عبد القادر علولة، محي الدين بشطارزي ، عبد الرحمن كاكي وغيرهم من رواد المسرح الجزائري ، تلك النزعة المرتبطة بالمكان ، بالأرض والبيئة الجامعة بين الأصالة والتنوع ، جعلته يسل سيف قلمه ويشهر به في وجه الأوراق، معلنا عن نصه المسرحي يفضح الطغاة ويرافـع للقضية الفلسطينية
“صفار ” الذي أعطاه العناية اللازمة والاهتمام الكافي ، ففرش أفضل الممثلين كورود ناعمة بأشواكها الواخزة ، في المهرجان الوطني للمسرح المحترف بالمسرح الوطني “الجزائر العاصمة” ، فصنع الفرجة والدهشة ، تراقص الحاضرون وتمايلت أجسادهم يمنةً وشمالاً

وقع هارون الكيلاني بيده على خاصرة الخشبة ، بطريقة متميزة على طريقة أبوعبيدة ، وكأنه يقول لها ، أنا الفارس النبيل الذي يحق لي أن أمتطيك وأنا الوحيد القادر على ترويضك ، فصدق في توقيعه ، وسيشهد له التاريخ ويكتب اسمه بماء الذهب الخالص في سجل عظماء المسرح الجزائري أحسن نص وأحسن إخراج ، لإشارة فإن نجاح أي عمل يعود أيضاً إلى المرافقين لهذا العمل ، الشاعرة الراقية مي غول ، وميلود بن حمزة ، بن سعدة وغيرهم من أشخاص كانوا مع هذه الريح ، ريح الإنجاز ، لن أقول رياح ، الريح تمر بسلام وأما ريح هارون الكيلاني لم تكن كذلك

تعود بي الذاكرة إلى نظرة هارون الكيلاني التي كانت تكتب وهي تشاخص إلى رفوف الكتب في الصالون الدولي للكتاب بقصر المعارض ” الجزائر العاصمة “، وكأنه كان يمارس طقوس المسرح ويتخيل شخصياته وهي تتموقع هنا وهناك ، فكان نسرا محلقا يعلو ويعلو بعيداً عن سرب الغربان ، فكان له ارتفاعاً بنجاحه وكان للجمهور فرصةً للدهشة والإعجاب بالعمل ….وللحديث بقية هكذا كانت تقول عيناه ، للحديث بقية أيها الطغاة

وفي حوار كواليس المهرجان الوطني للمسرح المحترف مع الثائر “هارون الكيلاني” قال عن عرضه المسرحي صفار :

” التقينا في هذه الحرارة الشديدة بيننا وبين الجمهور ، أكدت تلك الرسائل وإن كانت مشفرة في بعض الأحيان إلا أنها وصلت بشكل استرسالي جميل جدا مع الجمهور ، سعدنا كثيراً بردة الفعل من داخل العرض، وبعض المشاهد وبعض الكلمات ، أيضاً الرسائل الخطابية المباشرة كانت موجودة ، ونحن خاطبنا هذا الجمهور بهذه الطريقة ، لأنه مسرح استعجالي أولا ، ومسرح يدخل ضمن المقاومة، وأيضاً كنا نحتاج إلى هذا الخطاب ،المسرحية هي محاكمة ، كيف تحاكم الجزائر هؤلاء الطغاة في العالم ، تحاكم في صفار هذه المنطقة العجيبة أو العجائبية، كيف تضعهم في هذه المنطقة وتعاقبهم ، عاقبنا طواغيت الموجودين في العالم، ليس كلهم ولكن الطواغيت الأهم ، مددنا أيدينا نحن كفنانين ومسرحيين إلى إخواننا في فلسطين ، لكي نقول لهم نحن موجودون عبر هذا المسرح ، مسرح المقاومة، حتى نقول المقاومة لن تموت وستنتصر.”

وأختم بكلمة واحدة كعاشقة للمسرح ، وكمعجبة بالانتاج المتميز مسرحية صفار لم تكن مجرد مسرحية ،بل هي تصريح قوي “يوم التحرير قادم بلا ريب” ، ولهجة لاذعة وجهها الكاتب والمخرج المتمرد لكل طاغي يسلب الحق من أهل الحق ، هي محكمة ركحية المنتصر فيها أرض الزيتون “فلسطين الحبيبة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى