عبد المجيد لغريب … الإنسان!
كتبت.. عائشة عمي
هذه الليلة جوها يشبه جو الربيع ، تتفتح زهور مختلفة في عمق الروح ، هناك عصافير جميلة تزقزق ببهاء تضيف نغمة راقية تستدعي السعادة بكل حب ، وهنا على ضفاف نهر قلبي تنمو شجرة سحرية يطلق عليها الجبر وهناك فأس يدها مستمدة من شجرة الجبر ، لكن رأسها من وادي الغدر تحاول كسر أي شيء تجده أمامها لا تعرف محبا في قانونها الكسر فقط الكسر.
وأنا سائحة بعيناي وأحدث نفسي وتارة أخرى أخربش خربشات قلم على أوراقي تقطع نفسي تأملي قائلة لي :
بما أنكِ جالسة وتتأففين بأوراقك التي تخدشينها بمواضيع ثقيلة عليها ، مارأيك أن تقدمي لي معروفاً وأكون شاكرة لك على الصنيع …
فقلت: وهل يمكنني تقديمه …. أي هل أستطيع …. أقدر؟
قالت لي : طبعاً … طبعاً
طلبي بسيط فقط أحضري لي سيرة الشاعر والمثقف عبد المجيد لغريب لأستأنس بقراءتها وهكذا سنضرب عصفورين بحجر واحد … وحشة الصمت بما فيها أحاديث النفس و نتزود ونضيف لخارطتنا الذهنية شخصية مثقفة وازنة … بزخم فكري كبير وهكذا نحن نثقف نحن .
قلت لها : وإن رفض الرد والإجابة .. لن أقوم في قادم الأيام بتلبية أي طلب منك … كلها مرفوضة..
قالت لي: لا ياعزيزتي هو من قالوا عنه :
“ماعرفناه إلا خدوما طيبا. مثقفا ممتع الحديث، عامرا بالمفاجآت السارة، رجل المجالس وسيدها حضورا وفكاهة.”
قلت لها: كيف عرفت ِ
قالت : قمت بتتبعه تتبعا خفيفا ، فأجلبي لي سيرته ، احسن الله إليك .
لم أعطها جوابا صريحاً ، التزمت الصمت وأنا أكتب تمهيداً طويلاً بعد إرسال برقية السلام والرحمة ، يطل الفذ من نافذة المحادثة ويحييني بطيبة وتواضع…
قائلا لي بعد طلبي لسيرته ، أنه سيكرمني بها وأي مادة أحتاجها ولكن كانت الهدية الخاصة بي موجودة عنده عن الهدايا المعنوية أتحدث ، نعم عدت ورجعت أتحدث بالألغاز وأتفلسف مرة أخرى ، بعد أن وضعت قلمي جانباً، في تلك الليلة تحرك قلمي السعيد وكان كل رد منه تعليم وتوجيه وأهم شيء هو ترقيق لقلبي بعد ظهور غيمة سوداء في الأرجاء المحيطة حولي ، وهكذا تسللت دموع ناطقة تحادثني قائلة لي: لابأس..
ثم تعود لتقول لي : لم نخلق في الدنيا هباء منثورا ، كلنا موجودين لهدف … لسبب .
نعم هي تعيد وتأكد لي أن الإنسان ليس وحده بل هناك من حوله.. الإنسان لايعيش وحده حتى إن قرر ذلك ، نبقى نحتاج إلى الآخرين من غير معقول أن يقوم الإنسان بكل شيء لنفسه وحده ، هناك بعض الأمور تحتاج إلى رفقة ، إلى مساعدة كما يقول المثل الجزائري وصاحب التاج يحتاج …
في الحياة لايوجد أشخاص يمسكون الفأس ليحدثوا الضرر ، هناك من يملكون الطيبة داخلهم ليجبروا من حولهم … الحياة ميزان خير وشر معا ولكن الطبع هو الغالب أن نطبع الشر في نفسنا لتتحول لتصرفات وردات فعل أكيد سنصنع الشر وإن طبعنا الخير ستتحول إلى تصرفات جيدة وسنصنع الشر …
فكانت هذه الإجابة المستخلصة أما فيما يخص الهدية (هناك من معك) ، رقة القلب تجعل الإنسان أكثر من جميل وأشبه بالملاك لا يستطيع الإنسان أن يكون بلا قلب وأن يأسس علاقات دائمة وطيبة بدون ذلك الشعور المحبة والود ، التعاطف ، والجمال … الخ
المهم أعود إلى الشخصية الفذة عبد المجيد لغريب، التقيته سابقاً في الصالون الدولي لمعرض الكتاب بالجزائر العاصمة ” يوم اختتام الصالون ” كان ينشط أمسية شعرية لا أذكر عنوانها الدقيق ،ولكن موضوعها لافتا جذاباً ، فلسطين. حضر الصالون العديد من المثقفين والشعراء، وكل واحد منهم امتطى جواد ملكته الشعرية، وجاد بما يجود وأنا كنت المستمتعة ، أريد التسلل لطلب قراءة نصي الشعري ولكن الطلب جاء بعد اختتام الأمسية، وقد أخبرني سيتيح لي الفرصة في لقاءات قادمة ،وكان رده محترماً وهذا اللقاء ، لم يكن عابراً بالنسبة لي بل كان مقدرا….
عذرا لن أحدثكم عن عبد المجيد لغريب كمثقف وشاعر شعبي جزائري ، أنا أحدثكم عن عبد المجيد الإنسان بطريقتي الخاصة يمكنكم تلقيبي كما ألقب نفسي عائشة هولمز لقد استنتجت من خلال حواري معه دلالات مهمة في جدوى العلاقات الانسانية ….
أهم شيء الاستماع أو أقول الانصات أفضل لأن الانصات تعطي للمتحدث كل حواسك بأنك معه تقدره ومهتم بمايقوله.
التجاوب الذي يحقق التفاعل ويضفي الأريحية ويشعر الآخرين بأنهم مرحب بهم وكلمات إيجابية محفزة مشجعة ومؤنسة ، فقط من البساطة واليسر وهي العمق ودرب صداقة.كتابة.حياة.في كل شأن كما يقول عبد المجيد لغريب ، ومنه إن مايزيد قوة العلاقات الانسانية وراحة الإنسان هي معرفة البسطاء المتواضعين الخلوقين وهذا هو الذي يحقق القوة الإيجابية المتوازنة في الأخذ والمنح …
في هذه الحياة يوجد حكماء كثر وحكمة عبد المجيد لغريب مختلفة بقوة بساطته وتفهمه .ربما سيوافقني البعض والبعض الآخر سيرى أنني أزايد في الأمر ولكن تعلمت شيء في الحياة الاعتراف نبل …. وذكر محاسن الآخرين هي نوع من الإحسان
هنا تأتي نفسي وتقول لي : هل جلبتي السيرة
ضحكت و قلت لها : لا داعي لذلك باختصار يا أنا “عبد المجيد لغريب من خيرة النشطاء الثقافيين في الجزائر” . والنظر في سيرته تحتاج صبراً ونفسا طويلاً وحبا للمغامرة وكما أعلم أنكِ لاتجدين الغوص، ولا تعشقين البحر…
ترد قائلة : البحر … أنا سأغادر …. سأفر ….
وهكذا انتهى حديث النفس هذه الليلة ولكن لم ينتهي بعد موضوعي عن عبد المجيد لغريب لذا سأضع فاصلاً وأغلق مذكرتي إلى أن يحين الوقت ….