خيط حريري خفي

كتبت :عائشة عمي
عندما أخذت موعدا من ذلك الرجل قلب طفل ، لجلسة تصفح الحديث و البوح عن النوايا بالسؤال والإجابة زقزقت سريرتي مبتهجة تدعوني لأرقص على نغمها السعيد ،تحرك نبض قلبي بحرية يطلق زغردات صاخبة يعبر عن ارتياحه ولكن سرعان مايتدخل العقل ويرسل تنبيه لاتملكين في الجيب دينارا واحدا فكيف ستصلين إلى محطة اللقاء تلك وكيف ستصافحين قدوتك ،مثلك الأعلى مصافحة تاريخية ودية تعقدين على أرضه عقد الهدنة والاطمئنان الذي لم تجديه حولك ممن همشوا وجودك وطردوك من ضيافة مؤقته من أعمدة وهوامش الإبداع القصيرة ..
شيء ما كأنه ماء لا بارد ولاساخن ألقاه العقل على قلبي فجأة جعله يشعر بالدهشة وجملة مختلطة من الخوف من ضياع الفرصة والارتباك والتوتر من هذا الحظ والنحس الذي يحيط بي عندما أرغب بشيء لطالما حلمت به فوجدتني ألجأ كمسكينة ضاقت بها السبل في طلب المساعدة من يوصلني إلى حلمي الأخضر ولكن وجدت رفضا بحجج مقبولة وأخرى لا ، أحسست بشيء من الخيبة والحسرة تتملكانني حتى أنني لم أستطع كتمان شهقتي التي صاحبها بكاء ، وفي اليوم الذي يسبق اللقاء نهضت وشعور يزعجني بأنني في الحياة وحدي رغم الكثرة التي حولي لم أجدها في وقت حاجتي الماسة والتي أكدت لي بأنني لست مهمة لأحد ولكم أن تتخيلوا مدى شعوري بالحزن ولم أجد إلا ثياب أمي أنيسة لي فقمت بغسلها بيدي بدل استعمال الغسالة لكي أفرك ما بداخلي من زعل وبعد نشرها سمعت طرقا على الباب فتحت إنها أمي لقد عادت من وجهتها ،قمت بتقبيل رأسها أمازحها أنظري غسلت لك ثيابك فقالت لي ماذا فعلت أكيد قمت بشيء ما ، ماذا تخفين ضحكت وقلت أعطني بعض المصروف من أجل المواصلات وداخلي ضيق شديد لأنني لا أحب بأي شكل من الأشكال الطلب وأخذ شيء من أحد فقالت ليس لي قلت أعطني وأردها لك مليون(باللفظ العامي عشرة آلاف دينار جزائري بالأرقام تلفظتها بنية وفعلا تركت لي ورقة نقدية صباح اللقاء ..
ولأنني شعرت بالوحدة القاسية أمسكت الحجر الأبيض وقلت في نفسي هذه الحجرة صديقتي سترافقني اليوم إلى وجهة لا أعلم تفاصيلها الدقيقة ولا ممراتها وشوارعها نعم شعرت بالخوف من مكان أجهل بواطنه ومعالمه وكيفية التنقل فيه ولكن تذكرت قول ماما ذات يوم تعسر وصعب الأمر علي عندما أرادت أمي أخذي معها لحمام اللوان للتفسح ولكن تعرضنا لمواقف من بينها نقص الحافلات والنزول في موقف الغير المراد النزول به و مشاهدة شجار في الطريق ويتراشق فيه الأشخاص بالحجارة وصخب المتفرجين والهلع فهنا بدت على ملامحي بأنني شخص منحوس حقا وكم أن حاجتي البسيطة صعبة التحقيق كان ذلك اليوم جهاداخ بالمعنى الحقيقي فقلت فلنعد للبيت عارضت أمي ذلك وبشدة وقال لي الأشياء ضدي وتحاول ارجاعي للوراء سأتحداها واعاندها لأصل لوجهتي ومبتغاي فهدفنا اليوم الاستمتاع إذا فلنستمتع وليحدث الذي يحدث هذا القول كان رفيق لي في الطريق ولم أجدني إلا القول الحمد لله ورحت أذكر الله بصمت ليهدأ ويسكن داخلي وأردد كتوكيد الله معي لست وحدي سيحميني ويأخذ بي إلى الطريق الذي اختاره لي .
وفعلا ركبت القطار وبعدها الحافلة وتهت في الطريق ولكن أرشدني بفضله بعد رقمي حفظت رقم قدوتي حتى أنني تفاجئت من ذلك لم أحفظ أي رقم من الأرقام حتى رقم والدتي فقلت توجد حكمة من هذا الأمر وعليه تحدث أستاذي الفاضل إلى سائق الحافلة ونزلت في المحطة الصحيحة وأنا مطأطأة رأسي وبعد رفعه أتفاجئ بوجهه الباسم ينتظرني زقزقت روحي وشعرت بطمأنينة عظيمة داخلي استقبلني بمكتب الحضارة وبعد الحديث والتجاوب الإيجابي من طرفه توقف وقال نحن الضيف عندما يحل بمطرحنا لابد أن يتذوق ملحنا فقلت لالا محسوبتك لاتشتهي أي شيء فقال مصرا لا يجب أن تأكلي فأحظر لي طبقين من الفاكهة الطبق الأول إجاص أصفر تورده الحمرة وعنقود عنب أخضر والطبق الثاني موز وقال هيا كلي وإلا سأزعل منك زعلا شديد فلتطيب خاطره قمت بأخذ حبتي عنب وقلت هذه لكي لاتغضب مني واكتفيت بهما ،قام باهدائي كما وعد كتب من مكتبته الثرية أكيد من مؤلفاته وتحدثنا عن عزيزنا الدكتور محي الدين عميمور الرجل الذي لم يتوقف إبداعه بعد تقاعده بل بقي وفيا بقلمه لوطنه وأبناء جلدته وعند قرار المغادرة قال لي خذي الفاكهة معك قلت لالا أستاذي دعها والله ليس لي شهية أكل شيء أحس بالاحراج مني وأنا عند الباب قال تعالي لأقول لك شيء ويده مدت إلى جيبه عندها فهمت أنه يريد اعطائي مالاً قلت بشيء من الصرامة لا وفررت كالدجاجة للباب فقال هي ليست مني هي من ربي شيء ما شعرته تلك اللحظة كشعور الذي يبكي ولايحب أن يرى أحد دموعه فيمطر المطر ليمحو أثاره ويبدلها بصفاء الوجه فأخذتها ..شعرت بقنطة وكانت الدمعة ستغلبني قال أوصلك للمحطة قلت لا سأذهب وحدي وادعيت الفرح وغادرت وأنا عند محطة الإنتظار كانت نفسي تتصاعد وأنا أكتم ذلك التزاحم المضر برقبتي لكي لا أستسلم وأبكي في الطريق ولكن في الخليفة في الحافلة كانت بعض الدموع الهاربة تهرب مني تطل على نافذة عيني أمسحها خفية أن يراني أحد هذه التزاحم هو لسبب أن الله أرسل لي رسالة عن طريق قدوتي أنت لست وحدك ولم أخلقك هباء منثورا ، أنت نصب أعيننا ، إن خذلك الجميع ربك لن يخذلك وان أفلت الجميع يده منك ربك لن يفلتها حتى وإن كنت قليلة طاعة ، وإن أحزنك الجميع ربك سيبدل حزنك فرح وإن زعزع البعض ثقتك بنفسك ربك سيعيد بنائها وأنه سيرزقني من حيث لا أحتسب عندما أتعرض لهكذا مواقف محرجة وسيحفظ ماء وجهي من قرع باب يسد بوجهي وعندما وصلت للبيت كانت المفاجئة المبلغ عشرة ألاف دينار جزائري . ومن يومها محسوبتكم مريضة لأن أثر الجبر كان قوي جداً