جمال الباجوري يكتب .. موسى والبقرة والتشدد
وقت النشر : 2023/11/20 10:44:03 PMلماذا سميت سورة البقرة بهذا الاسم؟
قصة البقرة وتسمية السورة العظيمة بهذه القصة تعود لمقتل رجل في عهد موسى عليه السلام حيث أنه كان رجل غني وليس له ورثة ويرثه ابن أخيه فلما تأخر موته قتله ابن أخيه وألقى جثته عند بلد بجوارهم وطلب منهم الدية وجاء القاتل لنبي الله موسى يطالبه بمعرفة القاتل. فاشتد الأمر وجاء الجميع يسألون موسى عليه السلام أن يسأل الله فيدلهم على القاتل.
فكان الأمر بسيط وصريح وكان الجواب سهل وواضح أن أذبحوا بقرة. قالوا يا موسي أنسأل عن قاتل وقتيل وتقول لنا اذبحوا بقرة, أتهزأ بنا
{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ * قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ * وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ).
فلو ذبحوا البقرة لانتهى الأمر, ولو اطاعوا نبيهم لرضي عنهم الله, ولكنهم جادلوا وشددوا علي أنفسهم. قالوا ادعوا لنا ربك يبين لنا ما هي, قال لهم موسي إن الله يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر أي لا كبيرة هرمة ولا صغيرة عوان بين ذلك أي وسط.
وبالرغم من أن موسى عليه السلام يقول لهم أن هذا الوصف من الله لكنهم لم يقتنعوا وقالوا ادعوا لنا ربك يبين لنا ما لونها, فقال لهم إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها أي صافي لونها تسر الناظرين صعبوا الأمر أكثر علي أنفسهم لكثرة سؤالهم, فقالوا إن البقر تشابه علينا فسأل الله ماهي, قال موسى عليه السلام إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث أي لم تهان في عمل ولا في سقي بالرغم من حالتها الجيدة لا شية فيها.
هنا اجتمعت الشروط في بقرة واحدة بعد أن كان الجواب بذبح بقرة بلا شروط, ضيقوا وصعبوا الأمر على أنفسهم بعد أن كان الأمر يسير. هكذا نحن في أمورنا تكون يسيرة وواضحة فنصعبها علي أنفسنا, أمور حلال ونضيقها علي أنفسنا. هنا وجدوا البقرة المقصودة وكانت لولد بار بأمه فعرضوا عليه أن يستبدلوها ببقرتين, أو بثلاث بقرات, ووصلوا لعشر بقرات ولكنه رفض فشكوه لنبي الله موسى. قال صاحب البقرة يا نبي الله هي ملكي وأبيعها مثلما أشاء قال له لك هذا, ثم اشتروها بوزنها ذهب وقيل بعشرة أضعاف وزنها ذهب.
ولو كانوا أطاعوا الله والرسول واختاروا من البقر ما شاءوا لما وصلوا لهذا, فلما ذبحوها قال لهم موسى عليه السلام اضربوا المقتول ببعض عظمها فلما فعلوا عاد القتيل حيًا ليرد عليهم لهم أن ابن أخي هو من قتلني ومات. فلو لم يعترضوا ويتشددوا في سؤالهم لما صعب عليهم الأمر ولا غلى عليهم الثمن, فلعلنا نتعلم من هذه القصة التي جعلها الله عبرة لنا.
وحينما سأل الرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحج خطبَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ النَّاسَ فقالَ إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ، قد فرَضَ عليكمُ الحَجَّ فقالَ رجلٌ: في كلِّ عامٍ ؟ فسَكَتَ عنهُ حتَّى أعادَهُ ثلاثًا فقالَ: لَو قُلتُ نعَم لوَجَبَتْ.
ويقول الرسول الكريم في الحديث الكريم: الحلال بين والحرام بين فاتقوا شر الشبهات وما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرين إلا اختار أيسرهما.
فلا تكونوا كبني إسرائيل تتشددوا فيصعب الأمر عليكم. يقول الرسول الكريم يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا يسر الله عليكم وبشركم بالخير كله.