كتاب ومقالات

الوعي يفرض إعلام صادق

الدكتور أمين عبد الخالق العليمي.. يكتب

وقت النشر : 2024/11/18 08:04:58 AM

 

الخطاب الاعلامي والصحفي يعتبر أداة أساسية في تشكيل الوعي والرآي العام ونقل الرسائل من وسائل الإعلام إلى الجمهور المتلقي،
وهو يعتمد على مجموعة من الجوانب اللغوية والأسلوبية والإيديولوجية التي تُصاغ بعناية لتعكس توجهات الوسيلة الإعلامية أو أهدافها وغالبا ما يكون هذا الخطاب محملاً بدلالات تتجاوز المعاني المباشرة للنصوص حيث يُظهر السياق الإعلامي والظروف المحيطة بالرسالة أبعادا أعمق تؤثر في التلقي والفهم،
فالكلمات المستخدمة والأسلوب البلاغي والصور والمفردات المختارة جميعها أدوات تُشكل رسالة مركبة تهدف إلى إيصال مضمون معين أو التأثير في وجهة نظر الجمهور المتلقي،

المؤسسات الإعلامية لا تنقل فقط الأخبار والمعلومات بل تسعى إلى توجيه الجمهور وتحفيز تفكيرهم وتحليلهم للأحداث فالخطاب الصحفي والاعلامي لا يتسم فقط بالسرد الخبري بل يتعداه إلى التحليل والتفسير والإقناع كما أنه لا يخلو من أبعاد أيديولوجية سواء كانت ظاهرة أو مستترة وهذا يجعل الجمهور عرضة لتأثير هذا الخطاب بطرق مباشرة وغير مباشرة حيث يعتمد الاستيعاب والفهم على مدى قدرة الوسيلة الإعلامية على بناء خطاب متماسك ومؤثر وموجه بما يتوافق مع الأهداف المرجوة منه،

الرأي العام يتأثر بشكل كبير بالمحتوى الإعلامي الذي يُعرض له فوسائل الإعلام تلعب دورا محوريا في تشكيل مواقف الجماهير تجاه القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية وذلك من خلال اختيار المواضيع وطريقة معالجتها وإبراز الجوانب التي تخدم أجنداتها الإعلامية المتنوعة فالرأي العام ليس مجرد تجمع عشوائي لآراء فردية بل هو نتيجة التفاعلات بين الأفراد والمجتمع وبينهم وبين الوسائل الإعلامية التي تغذيهم بالمعلومات والتصورات التي تساعدهم على اتخاذ مواقف معينة، وتكوين الرأي،

الإعلام يسهم في خلق قضايا عامة يُطلق عليها أجندة الأولويات حيث يتم تحديد ما يجب أن يهتم به الجمهور عبر التكرار والإلحاح على موضوع معين وإبرازه كقضية محورية تستحق النقاش والمتابعة فالجمهور والمتلقي يتأثر بالسياق الذي تُقدم فيه القضايا وباللغة المستخدمة في الخطاب الإعلامي مما يجعلهم يتبنون وجهات نظر معينة أو ينحازون إلى مواقف محددة وهذا التأثير ليس دائما إيجابيا فقد يؤدي إلى خلق استقطابات أو انقسامات في المجتمع،

معالجة القضايا السياسية عبر وسائل الإعلام تتطلب تقنيات وأساليب متطورة لنقل الأحداث وتفسيرها وتوجيه الرأي العام نحو مواقف معينة ويتم ذلك من خلال استخدام أساليب مثل السرد القصصي والتحليل العميق والتفسير النقدي كما أن الإعلام يستخدم عناصر أخرى مثل الصور والفيديوهات والمقابلات والرسوم البيانية لإضافة بُعد بصري وبياني يُعزز من تأثير الرسالة الإعلامية،

الرسالة الإعلامية التي تعالج القضايا السياسية غالبا ما تكون مشحونة بعناصر إقناعية تُصاغ بذكاء لاستمالة الجمهور أو التأثير على مواقفه فالأحداث السياسية تُقدم في سياق معين يخدم أهداف الوسيلة الإعلامية سواء من خلال التركيز على جوانب محددة وتجاهل أخرى أو عبر التفسير الموجه الذي يجعل الجمهور يقتنع بوجهة نظر معينة دون الاطلاع على الصورة الكاملة،

الإعلام لا ينقل الأحداث فقط بل يعيد تشكيلها بما يتناسب مع أهدافه فالقضايا السياسية لا تُعرض دائما بموضوعية حيث تتداخل فيها الأبعاد الأيديولوجية والمصالح السياسية والإعلامية مما يجعل الجمهور عرضة للتلاعب بالمعلومات وبالتالي يصبح توجيه الرأي العام نحو مواقف معينة عملية مقصودة ومدروسة

الخطاب الصحفي والمعالجة الإعلامية للقضايا السياسية يلعبان دورا محوريا في تشكيل وعي الجمهور وتوجيهه فهما يحددان ما يجب أن يعرفه الجمهور وكيفية تفسيره للأحداث وما يجب أن تكون عليه مواقفه فالمسؤولية تقع على عاتق وسائل الإعلام في تبني معايير مهنية وموضوعية تعزز الشفافية والمصداقية وتعمل على تقديم صورة متوازنة وشاملة للقضايا السياسية بما يخدم المصلحة العامة ويحترم وعي الجمهور وحقه في المعرفة الدقيقة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى