الهروب من عالمنا الي النوم
الدكتور أمين العليمي.. يكتب
في عالم مليء بالضغوطات والأحداث المتسارعة، يظل النوم هو البطل الخفي الذي ينقذنا من حواف الجُنون، دعونا نتحدث عن هذا البطل الأسطوري، النوم، الذي يأتي ليلاً كفارس في درع لامع، حاملاً معه وعودًا بالراحة والهدوء،
من الفوائد السحرية لهذا الفارس النبيل، تحسين الذاكرة،
نعم: تماماً كما يقوم الكمبيوتر بعملية الحفظ، يقوم النوم بعملية حفظ الملفات في دماغنا، مما يجعلنا نبدو أذكى مما نحن عليه فعلاً، تخيل أنك تستطيع تذكر أين وضعت مفاتيحك أو حتى اسم جارك، أليس هذا مذهلاً حقاً عزيزي صديق النوم المعتدل؟
وعندما نتحدث عن دعم الجهاز المناعي، فإن النوم هو الطبيب الذي لا يطلب منك حجز موعد، فقط استلقِ على سريرك ودعه يقوم بكل العمل الشاق،
إنه كالسحر، يرفع درع المناعة الخاص بك ليحميك من الهجمات الجرثومية،
وكأنك تقول للفيروسات: عذرًا، لقد نمت جيدًا الليلة الماضية، لن تستطيعوا الاقتراب مني اليوم!
أما الصحة النفسية، فالنوم هو المعالج النفسي الذي لا يرسل لك فواتير باهظةالتكاليف والثمن، أنت فقط تنام، وتستيقظ وأنت تشعر وكأنك قد وُلدت من جديد، أقل توترًا، وأقل قلقًا، وربما أكثر تفاؤلاً حيال الحياة، النوم يجعلنا نرى الحياة من خلال نظارات وردية، حتى لو كانت الحياة نفسها ترتدي زي مهرج السيرك،
وللرياضيين، النوم هو المدرب الشخصي الذي لا يصرخ عليك عندما تفشل في رفع الأثقال، او تُخفِق في اي شئ، إنه يتأكد من أن عضلاتك تتعافى وتنمو، حتى تتمكن من العودة إلى الصالة الرياضية وكأنك بطل خارق،
لكن دعونا لا ننسى الأوقات المثالية للنوم، الليل هو وقت النوم المفضل، حيث يتناغم جسمك مع إيقاع الطبيعة،
إن محاولة النوم في النهار أشبه بمحاولة السباحة عكس التيار، ومع الأسف اغلبنا نؤثِر ذلك للهروب من ضغوط الحياة احياناً، واذا كان ولابد،
ولتكن البديل القيلولة، تلك اللحظات السحرية التي تشبه إعادة الشحن السريع لجهازك العصبي، فقط تأكد من ألا تتحول قيلولتك إلى نوم طويل، فالقيلوله حاول الا تزيد عن عشرين الي ثلاثين دقيقه فقط، فذلك قد يجعلك تشعر وكأنك قد استيقظت في عالم موازٍ، ومع مراعاة الأوقات المُضِره، فقد قال الامام الشافعي:
نوم الضُحي يورِثُ الفتي خبالاً، ونوم العصور جُنونُ
أما عن قلة النوم، فهي كالساحرة الشريرة التي تحاول تدمير كل ما هو جميل في حياتك، تضعف جهازك المناعي، تجعلك عرضة للأمراض، وتجعلك تشعر وكأنك قد شاركت في ماراثون شاق وطويل دون أن تتحرك من مكانك، إن قلة النوم تجعلنا نرى الحياة من خلال نظارات سوداء، حتى لو كانت الحياة نفسها ترتدي زي المهرج كما قُلنا،
امابالنسبة لكثرة النوم، فهي أشبه بالغطس في بحر من الكسل، نعم، قد تشعر بالراحة، لكنك قد تجد نفسك بعد فترة تعاني من آلام الظهر، والخمول الشديد وتصبح أقل نشاطًا، وحيويه،
إنه كالسحر المظلم الذي يبدو جميلاً في البداية، لكنه يحمل في طياته مخاطر خفية جمه،
خلاصة القول:
النوم هو ذلك الصديق الوفي الذي يجب أن نعامله بحب واحترام، إنه يحمينا، يعطينا القوة، ويجعلنا نشعر بأنفسنا بشكل أفضل،
لذا، دعونا نحتفل بالنوم كالبطل الذي هو عليه، ونحاول تحقيق التوازن المثالي بين النوم والعمل، حتى نستطيع مواجهة العالم ونحن في أفضل حالآتنا،
فلا إسراف ولاضرر ولا ضرار .
🖋️د.امين عبدالخالق العليمي