بقلم د .صالح وهبة
ظهرت نظريات واختلفت آراء على وجود الكون .. فمنهم من قال أن الكون وجد تلقائيا (أوجد نفسه ) ومن هنا ظهرت نظرية التلقائية ورأي آخر يقول: الكون أزلي ومها ظهرت نظرية “أزلية الكون ” ورأي ثالث يقول :الكون تواجد بالصدفة ..
سنتحدث في هذا المقال عن النظريات الثلاث ونرد على كل واحدة منها بالعلم لاثبات عدم صحتها ..لتبقى الحقيقة المؤكدة وهي أن “الكون ليس أزلي ”
(١) نظرية التلقائية …
تعتمد هذه النظرية في وجود الكون على نظرية ال (Big Bang ) فتقول أن الكون تواجد نتيجة حدوث انفجار هائل أدي إلى حدوث طاقة والطاقة تحولت بمرور الزمن إلى مواد أولية والتي تكونت منها الكائنات الحية ..
“الرد بالعلم “
نفهم نص هذه النظرية أن المادة أصلها طاقة ..لكن يبقى هذا السؤال وهو : ما أصل هذه الطاقة ؟ ومن أوجدها ؟
أليس هذا يتعارض مع العلم الذي يقول : أن المادة والطاقة لا تستحدث ولا تخلق من العدم ؟!
اذن توجد قوة خارقة وراء ذلك هي التي أوجدت الطاقة وهي قوة الوجود الإلهي
اذن هذه النظرية الخاصة بتلقائية الكون عارية من الصحة تماماً
(٢) نظرية أزلية الكون
تعتقد هذه النظرية أن الكون أزلي وتستبدل أزلية الله بازلية الكون .
الرد بالعلم …
معروف أن الأرض التي نعيش عليها مع مجموعة الكواكب تدور حول نجم فتكون ما يسمي ب (المجموعة الشمسية) ..الكل أو بعض الكواكب حولها أقمار (الأرض لها قمر واحد ) …مجموعة الكواكب هذه تدور حول نفسها أمام نجم فتتكون (المجموعة النجمية) .. كم كبير من المجموعة النجمية + نجوم منفصلة كثيرة تكون (المجرة ) ومجرتنا تسمى مجرة الطريق اللبني أو مجرة “درب التبانة )
اذن المجرة هي تكوين كبير من النجوم مع كم أكبر من الكواكب موجود معه كم أكبر من الأقمار
ولكي نثبت خطأً أزلية الكون وجب علينا أن نتعرف على ظاهرة تراجع المجرات وظاهرة تبديد كتلة الشمس بالإشعاع .
أولا.. ظاهرة تراجع المجرات
الكون بمرور الزمن يتسع (يتمدد ) بمعنى :
المجرات ككيان كتلة بجوار كتلة تتباعد عن بعضها البعض بسرعة متزايدة
وممكن تشبيه ذلك بسيارتين يسيران في اتجاهين متضادين، وبعد فترة من الزمن لا يري أيًا منهما الآخر .. كذلك الحال في المجرات منذ أن وجدت تتباعد عن بعضها بسرعة متزايدة،
ولو وقفنا على جبل المقطم مثلا ونظرنا بالمنظار، سنرى اكثر من مجرة موجودة في السماء ، فلو كانت المجرات موجودة منذ الأزل وهي تتباعد عن بعضها لكانت المسافة بينها لانهائية لأن المسافة دالة في الزمن وهذا يعني اننا لو نظرنا بالمنظار كنا لا نري سوى مجرتنا فقط ..
ثانيا ..تبديد كتلة الشمس بالإشعاع
لو وضعت شمعة في مكان ما وتركتها فترة من الزمن ممكن عندما ترجع إليها تجدها تلاشت ..ماذا حدث ؟
ما حدث أن جسم الشمعة تحول من مادة صلبة إلى أبخرة أعطت لنا طاقة ضوئية وحرارية .. ولو تخيلت أنك قمت بتجميع هذه الابخرة ووزنتها لوجدتها أقل من وزن الشمعة لأنها تحولت من مادة إلى طاقة ..
مثال آخر .. تحركت بسيارتك فترة وبعدها وجدت البنزين على وشك النفاذ ، ماذا حدث للبنزين ؟..
ماحدث هو كتلة البنزين تحولت الى طاقة حرارية قلو لمست التنك تجده ساخن وأيضا تحولت كتلة البنزين إلى طاقة ضوئية (تدور بها السيارة)وطاقة ميكانيكية تتحرك بها السيارة ..
كذلك الحال في لمية الجاز
والذي يسري على ذلك يسري على الشمس .. نعتبر الشمس لمبة جاز كبيرة أو شمعة كبيرة تحترق ذاتيًا (بمعادلات كيمائية) ، جزء من كتلة الشمس كل يوم يتحول لطاقة (ضوء وحرارة ) ..
هل تعلم أن 4,7 مليون طن من كتلة الشمس كل ثانية تتحول لطاقة (ضوء وحرارة )؟! (في اليوم كام ؟ ..في السنة كام ؟) أرقام فلكية …
والسؤال : لو الشمس كانت موجودة منذ الأزل أكيد كانت خلصت من زمان وبالتالي لا يكون وجود لكائنات حية على الأرض….
مثال آخر
الكل يعرف الصراع بين آمريكا وإيران على اليورانيوم (المادة المشعة ) التي تعطي (جسيمات الفا وجسيمات بيتا وأشعة جاما )
هل تعلم أن :
(واحد على 76 وأمامها خمسة أصفار ) من وزن اليورانيوم كل سنة يتحول إلى رصاص ..
فلو الأرض موجودة منذ الأزل بما فيها من يورانيوم ، كنا نبحث عن اليورانيوم لا نجده وكنا نجد رصاص فقط ..
والجدير بالذكر .. لو أخدنا خامة من اليورانيوم وحللناها وعرفنا نسبة الرصاص إلى اليورانيوم تستطيع أن نعرف بحساب بسيط أن عمر الارض حوالي 4,7 مليار سنة .
اذن أزلية الكون خطأً والأزلية والسرمدية والأبدية والأمدية للخالق العظيم كلي القدرة
افتراضية الصدفة في وجود الكون
هذه الافتراضية تعتمد على نظرية الاحتمالات في الرياضيات والتي تعتمد على هذا القانون :
احتمال وقوع الحدث يساوي عدد عناصر الحدث مقسوما على عدد عناصر الفضاء
توضيح ..
عند القاء حجر نرد (زهرة الطاولة ذات الستة أوجه) ثلاث مرات متتالية من مثلا يكون احتمال الحصول على المجموع 3 يساوي (سدس) مرفوعا لأس 3
وهكذا لو رمينا زهرة النرد مائة من المرات سيكون احتمال المجوع مائة يساوي (سدس) مرفوعًا لأس مائه وهذا الاحتمال ضعيف وهكذا نرمي مليون مرة و مليار من المرات وهكذا…. سنحصل على احتمال ضعيف جدا يؤول للصفر كلما زادت عدد المحاولات والرميات
دعنا نطبق ذلك على أصغر جزء في جسم الإنسان وهو جزيء البروتين ..
جزيء البروتين كيميائيا يتكون من خمسة عناصر ( غاز الهيدروجين وغاز النتروجين و غاز الأكسجين وكربون وكبريت ) ، والكون يحتوي على اكثر من مائة عنصر …
تخيل لو رمينا المائة عنصر (مثل زهرة الطاولة ) ونزلوا وكررنا التجربة مرات ومرات .. نفترض سنأتي اللحظة التي فيها الخمسة عناصر هذه يتقابلوا ويلتصقوا ببعضهم البعض ليكونوا جزيء البروتين ..
ولكن فيه مشكلة ..! خلي بالك !!!!
جزيء البروتين الذي يحتوي على الخمسة عناصر (به عدد من ذرات الهيدروجين وذرات النتروجين وذرات الأكسجين وذرات الكربون وذرات الكبريت) والذي يبلغ عدد هذه الذرات حوالي 40 ألف ذرة …
ولكي يتكون جزيء واحد من البروتين محتاجين كل هذا العدد من الذرات يتجمع بالصدفة
أحد العلماء توصل الى : احتمال حدوث تجمع العناصر هذه (40 ألف ذرة ) = واحد على 10 أس 160 وكمية المادة المطلوبة لكي يحدث هذا أكبر من حجم الكون بملايين السنين والمدة الزمنية تعادل 10 أس 243 من السنوات وهذا ليس نهاية المطاف لكن هناك مشكلة وهي أن كل البروتينات ليست متشابهة فبروتين الخلية العصبية يختلف عن بروتين خلية العضلات عن بروتين خلية عضلة القلب ويأخذ هذا الاختلاف 4810 شكل مختلف من البروتين
اذن استحالة أن تجمع جزيء من البروتين بالصدفة (بالاحتمال ) ..
افترض إنك جمعت جزي واحد من البروتين محتاج مجموعة من الجزئيات لتكون خلية .. افترض كونت خلية محتاج خلايا مختلفة لتكوين نسيج .. نفترض نجحت في تكوين نسيج محتاج أنسجة عديدة لتكوين عضو ، نفترض كونت عضو محتاج أعضاء مختلفة لتكوين جهاز ونفترض نجحت (بالصدفة) في تكوين جهاز محتاج اجهزة مختلفة لتكوين جسد ..نفترض نجحت في تكوين جسد من يستطيع إسكان الروح فيها ؟!
سبحان الله
النهاية
الكون ليس ازلي ولم يأت بالتلقائية ولا بالصدفة …
وذكر ذلك في القرآن في قوله تعالى (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون )
وفي الإنجيل:
في البدء خلق الله السموات والأرض….
سبحان الخالق ..الموجود ..الدائم الوجود ..كلي القدرة
الأزلي السرمدي الأبدي..
كل شيءٍ به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان