البسملة
ماهر اللطيف.. يكتب
مازلت أتذكر حادثة وقعت لي منذ سنوات عدة ، حين أتممنا صلاة المغرب جماعة في مسجد الحي أنا وثلة من أترابي وأقراني ، ولاحظت أن الإمام تلا “الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، ….” بعد التكبير وصمت لبعض الثواني ، قبل أن يرفد الفاتحة بسورة قصيرة أخرى في الركعتين الجهريتين – ومن المؤكد أنه فعل كذلك في الركعة الثالثة السرية (الفاتحة فقط) -.
فتوجهت نحوه مبتسما بعد أن أطلقت السلام، وقابلته في المجلس، وقد تجمع حولنا بعض المصلين بمن فيهم أصحابي، وقلت له بحياء ولين وصوت خافت نسبيا، بعد تردد وتفكير متواصل خشية ردة فعله التي قد لا تعجبني وتجعلني محل تنمر أمام الحضور:
- هل بسملت بعد التكبير في بداية الصلاة وفي كل الركعات، أم إنك ابتلعت ريقك واستعددت للتلاوة بأخذ نفس عميق؟
- (مبتسما ومربتا على ركبتي، وبصوته الجهوري) لاتخف بني، (ملتفتا إلى البقية) هل تدرون سبب هذا التساؤل ومغزاه؟ (فحرك الجمع رؤوسهم ليعلموه بعدم فهمهم للموضوع، فابتسم بسمة عريضة وأمر أحدهم بأن يجلب له نسخة من القرآن)
- (مقاطعا وقد احمر وجهي وتلعثم لساني) لم أقصد شيئا شيخنا
- (آمرني بالصمت والسماع لحديثه كبقية الحضور) افتح القرآن يا عبد العزيز (أحد الحاضرين) واقرأ الفاتحة. (فقرأها وأعطاها لمصطفى ففعل الشيء نفسه ،ومن بعده جل الحاضرين) ماذا لاحظتم؟
لكن الناس جميعهم لم يفهموا المطلوب، ولا الغاية من ذلك، فحاولت التدخل، فأمرني بالصبر والصمت، ثم أعاد طرح السؤال دون أن يحصل على الجواب المنتظر، فالتفت لي وقال “أ رأيت يا أخي؟ جل الحاضرين يصلون دون تركيز أو معرفة شاملة لما يقومون به” (ولم أفهم حقيقة مقاصده، فكنت أود أن أسأله هل البسملة واجبة أم لا عند الصلاة لا أكثر ولا أقل).
ثم بيّن أن البسملة في الفاتحة واجبة، بل أنها مفروضة وعدم النطق بها يبطل الصلاة بما أنها (البسملة) ذكرت في القرآن مرتان في القرآن كآيتين، واحدة في سورة النمل في وسطها حين قال تعالى “…. إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم” (النمل30) ، والثانية في الفاتحة بحيث اعتبرت أول آية فيها، لذلك نجد بعدها علامة (1) للتدليل على أنها الآية الأولى من السورة، ونسيانها أو تجاهلها حتما سيؤدي إلى إبطال الصلاة.
كما أعلم الحضور أن الاختلاف الوحيد الى حد الآن بين الفقهاء وعلماء الدين يبقي في عملية نطقها سرا أم علانية كباقي الآيات، عكس كلمة “آمين” التي بات نطقها علانية عادة من العادات في الصلاة الجهرية في معظم البلدان الإسلامية