
.
الإنسان بين الحق الطبيعي والحق المدني
رشا مكي.. تكتب
الإشكالية التي يناقشها دكتور قاسم المحبشي في ورقته ” السياسة جعلت الحقوق الطبيعية مدنية عقلانية” الإنسان أناني بطبعه واجتماعي بالاكتساب” والتي عرضها في ندوة نظمها معهد التجديد العربي، بعنوان “السياسة بوصفها القوة التنظيمية لكل حضارة” في 24 من يوليو لعام 2025م، تمتاز بالعمق، كما أنها قضية واقعية شائكة تضع الإنسان أمام عدد من الأسئلة المعقدة
هل على كل إنسان أن ينظر ضميره قبل قيامه بأي سلوك تجاه الآخر؛ تجاه المجتمع؟ هل المعتقد الفردي كاف لصلاح المجتمع؟ وفي امتلاك الإنسان بصورة عامة والإنسان المعاصر بصورة خاصة انتمائين فردي ومجتمعي، هل يجب عليه أن ينتصر لأي منهم دون الآخر؟ وفي هذه الحالة ما هي عواقب هذا الانتصار؟ أم عليه أن يجد سبيلا لخلق علاقة بين الانتمائين؟.
في الفكرة المطروحة من قبل دكتور قاسم المحبشي قدم طرح ممتعا تناول فيه الإشكالية من زواية تاريخية فلسفية واستخدم التجربة الفكرية ليكشف لنا كيف أن الإشكالية على الرغم من أنها حداثية إلا أنها أيضا ضاربة في القدم، وأكد على ذلك بمقولات لإبن خلدون وفرويد وهوبز و أكد على حجته بحديثه عن أسطورة جرجيس في جمهورية أفلاطون كمرآة تكشف داخل الإنسان وكيف يحمل وجه فردي وآخر إجتماعي، كل هذا للتدليل على خطورة هذا الانفصال وضرورة خلق اتساق.
لم يكن طرح دكتور قاسم الغرض منه فصل الإنسان عن أناه، أو أن يكون إجتماعي بالكلية ولكن كان ينزع في حقيقة الأمر لان يحمل الإنسان ضميرا اجتماعيا كما هو يحمل ضميرا ذاتيا؛
وأوضح دكتور قاسم المحبشي ان هذا يحدث من خلال سلطة تنفيذية. ودعنا نقول أن طرح دكتور قاسم ينزع إلا كشف دور المؤسسات في خلق البيئة الملائمة لأن يكون الإنسان اجتماعيا متسق مع كونه كذلك.
ولكن في طرحة لم يوضح كيف يكون الإنسان مع ظهور المؤسسات متسق وفرديته؟. إن الإنسان في حقيقته لا يحمل صورة واعية عن نفسه وإنما يظهر ذلك في سلوكياته؛ ففي حين يعتقد الإنسان أنه ربما يحمل أخلاقا نبيلة ومعتقدات واضحة، قد يحدث ما يميط اللثام عن معتقدات وأخلاق لم يكن هو نفسه يظن أنها له.
ذلك الإنسان الحائر بين وازعين يدرك أحدهما ولا يدرك الآخر. هل يمكنه أن يتجاوز ما لا يدركه ليكون اجتماعيا دون أن تلتهمه الاجتماعية؟ في طرح دكتور قاسم المحبشي يؤكد على دور السلطة التنفيذية متمثلة في المؤسسات في خلق هذا الاتساق والحفاظ عليه حتى يتكون لدى الإنسان انتماء واحد واضح يعيش من خلاله أنانيته وحريته المطلقة.
وهنا يأتي أهمية سؤال: هل سيكون الإنسان المعاصر قادر على الاتساق، حقا؟”