إني أبكي فيك وطن

د. مدثر سيف الدين.. «ود الكدرو»
إثر حادث حركة مؤسف في شوارع أنقرة العاصمة التركية الراقية قائداً لدراجته النارية الزمته الفراش حين من الدهر ليعلن القدر بالأمس القريب رحيل نجل الريس السوداني عبد الفتاح البرهان
رحيل ابنه محمد الذي فاضت روحه لتنزل دمعات حري من الخدود تبكيه.. ولسان حال والديه إنا يا محمد لفراقك لمحزونون ..وكم دموع حري سالت من على خدود الشعب السوداني الذي بات يتجول على قدميه في أنحاء وأرجاء وشوارع الوطن وليس على دراجات نارية في أزقة وشوارع تركيا
كم حادث حركة ..كم رصاص اخترق القلوب.. كم شظايا تناثرت ..كم أرواح فاضت ..كم دماء سالت سيادة البرهان ؟
وانا يا وطن لمحزونون لموتك البطي.. السريري.. وأمام أعيننا ولا ندري متي وكيف تكون النهاية
متي يكون وقف هذا النزيف والذي أكمل العام تماماً
بكت تلك المرأة وناحت وأصبحت تدق الأبواب، من يعيد لي ابني.. إبني لقد مات ؟
أوقفها احدهم قائلاً أنا أعيد لك إبنك، فقط احضري لي حبة خردل من بيت ما زارو موت
وبذلك أقنعها بأن الناس كلهم يبكون ..الشعب السوداني كله ينوح ويبكي
كله.. يا هذه.. ميت…ووطن أموات
الجثث تكاد تنافس بعضها في شوارع الخرطوم وولاياته
يا محمد احكي لخالق الوجود فانت الان بين يدي الرحمن..
احكي ماذا فعل أولياء أمورنا في وطننا والشعب السوداني !
يا محمد احكي كيف كان الظلم والقهر يمشي بين جنبات هذا الوطن ..احكي يا إبن البرهان
كيف ويدت احلام شباب وامال وطموح أبناء هذا الوطن ..بافتعال وإشعال حرب ليس للشعب السوداني مصلحة تذكر ..(لا بلح شام ولا عنب يمن)
احكي يا محمد كيف كان يموت وطن ببطء أمام أعيننا
كيف دمرت بنيته التحتية وكيف تخاصم القادة المحترمين…ومن أجل ماذا ؟
من أجل سلطة ومشاجرة بين اثنين!
كراسي سلطة وسبب بالتاكيد هو (راقي) وليس (تافه جداً) اليس كذلك ؟
…ان الاطفال الصغار حين يتشاجرون علي قطعة حلوي ما ..قد يتنازل احدهم بروح عالية جدا للاخر …وبدون ان يكيل له شتم او يسدد له لكمة خاطفة من قبضة يده الصغيرة! !!!
قل يا محمد للرفيق الاعلي كيف ماتت افراح الغنا-في شفتي وطن يسمي السودان واصبح الكل يتغني فقط ويدندن مع ايمان الشريف (يا دروب لي وين تودي…) وأصبحنا وكأننا قصيدة في ديوان الحردلو (سندباد في بلد السجم والرماد!د )
يا محمد عبد الفتاح البرهان …انت الان بين يدي الرحمن ..ولكننا أحياء كالأموات
مشردون.. وافدين.. ضيوف علي وطننا ..نازحون في بلادنا! !!
غربة داخل غربة …غربة ذات وغربة وطن ..داخل وطن مقتول.. !!!
لك الرحمة يا محمد ولكل شهدا-بلادي
ولكن ارجوك يا محمد خذ ما يحدث في السودان ..شهادة وأمانة في عنقك لتطرحها على رب رحيم أنت الآن بين يديه
فربما تفعل انت وانت ميت مالم يفعله والدك فخامة الريس وهو حي..
انت الآن فدية تقدم بإسم الشعب السوداني فدية رمزية ربما توقف هذه الحرب اللعينة وتعيد الأشياء إلى نصابها مدغدغة المشاعر والاحاسيس الراسية.. والأبوية ..فدية رمزية من اجل وطن مظلوم ومقهور تايه مشرد مكلوم ومقتول
تقبلك الله تعالي وتولاك برحمته وانزل الصبر والسلوان علي والديك …ورحم الله كل الشعب السوداني ووطنا كان هنا ذات مرة ..يسمي (السودان) وللأسف الشديد