أمير محسوب في حوار خاص لأبناء الوطن العربي
حاورت.. أمل اللقاني
وقت النشر : 2024/05/01 06:19:07 PMلم تعد الحروب اليوم كما كانت في الماضي ، لم تعد مقصورة على الأسلحة الفتاكة والدبابات والقنابل المدوية، لقد تحولت إلى حروب نفسية تستهدف عقول البشر وترويضها وخضوعها واستمالتها وإتقان العزف على أوتار مشاعرها وغسيلها بمساحيق الخداع والغدر وتغذيتها بوجبات دسمة من الحيل والفتن والمكر واللعب على جيتار عواطفها لتحقيق أهدافها
وتتعدد الأساليب لتحقيق ذلك من خلال القنوات الفضائية تارة والسوشيال ميديا تارة أخرى والإشاعات المغرضة وغيرها ..
هذه الحروب تتخذ في تسميتها مصطلحات مثل حروب الجيل الرابع والخامس
يحدثنا باستفاضة الدكتور أمير السيد محسوب الأستاذ بجامعة العريش، عن حروب الجيل الرابع
_ نود التعرف على حضرتك عن قرب
أمير السيد محسوب ليسانس آداب و تربية قسم الدراسات الإسلامية ماجيستير في التربية بعنوان الوعي الديني بالقضايا الدينية الإسلامية المعاصرة
حاصل على دكتوراه بعنوان «الوعي بحروب الجيل الرابع»
حاصل على عدة دورات: الإستراتيجية والآمن القومي من أكاديمية ناصر، دورة أزمات وتفاوض، الأمن السيبراني ووقاية الوطن، مخاطر الأمن السيبراني، جرائم المعلومات الأمن السيبراني الأمن السيبراني وتطبيق الويب
بالإضافة لأكثر من 30دورة في المجال التربوي ومهارات البحث العلمي
_ في البداية نود أن نعرف معني هذا المصطلح « حروب الجيل الرابع » والدواعي التي أدت للتفكير في مثل هذا النوع من الحروب ؟
أود أن أوضح أن حروب الجيل الرابع لم تكن وليدة صدفة وتحدث عنها فيلسوف صيني قديم يدعى « صن ذو » في كتاب إسمه « فن الحرب » تحدث عن عدم التدخل العسكري مع إغراق عدوك بمشاكل يصبح هو في حقيقة الأمر منهار من تلقاء نفسه بدون تدخل
وتحدثت عنها بروتوكولات حكماء صهيون أن ذو الطباع الفاسدة أكثر من ذو الأخلاق الحميدة فإذا أردت إحتلال أي بلد فعليك بأصحاب الطباع الفاسدة
وحروب الجيل الرابع هي صراع بين دولة أو دولتين أو أكثر بهدف السيطرة والهيمنة على الدولة دون تدخل عسكري باستخدام التكنولوجيا الحديثة
_ حدثنا باستفاضة عن أهم الأساليب والأدوات المستخدمة في هذه الحروب؟
كان في الماضي نعتاد الحرب التقليدية بمواجهة الجيوش لبعضها البعض، ولكن بدأت حروب أخرى وهي ممارسات “قوى البعد الثالث”، وهي السيطرة على العقل كـ” السيطرة في التعليم ووسائل الإعلام” وهي التي تمثل أفضل ممارسات القوة، فلقد أصبح للحرب مفهوم آخر وهو مفهوم القوة وليست الحرب بالجيوش وهي كيفية ممارسة القوة بالقوة الفكرية، وهي التأثير في الوعي، فبدلا أن يذهب عسكري أو جندي للحرب، يتم استبدالهم بكتاب نتأثر بآرائهم فيكون هناك تبعية ثقافية للعدو، وهنا ليس هناك وعي بمن هو العدو، فالعدو كان بالماضي واضحا، أما الآن فالعدو ليس ظاهرا يؤثر عليك يجعلك تفقد الثقة بنفسك وبوطنك وذلك بالتدخل بما يسمى بالوعي الزائف
و الأدوات المستخدمة هي استخدم وسائل الدعاية من خلال الإذاعات والقنوات الفضائية والسوشيال ميديا “الإنترنت” لتفتيت الكيان النظامي للمجتمع في الدولة المستهدفة لتسهيل عملية اختراق الحياة داخل الدولة المستهدفة.
_ يقولون إن هذه الحروب تستهدف استعمار العقول.. ما مدى صحة هذه المقولة؟
العقل هو ما يميز الإنسان عن الآخر وترتيب الشخصيات يتميز بالعقل، العقل هو منوط التكليف للإنسان ويحاسب عليه رب العزة سبحانه وتعالى عندما يصل الإنسان لمرحلة البلوغ .. العقل هو البوصلة لدى الإنسان، وعاوز اقول ان عدونا شاطر ويتميز بالحنكة والدهاء ، لذلك كان أقوي شيء للسيطرة هو السيطرة على العقول
إذن السيطرة على العقول أداة قوية جداً من أدوات الجيل الرابع
_وهل هناك فئات مستهدفة في تلك الحروب ؟
الشريحة العريضة الشباب، لأن الشباب هم وقود الحرب سواء كان بالايجاب أو بالسلب
_ وهل سيكون هناك تطور أكثر من ذلك ؟
كل ما كان في تطور تكنولوجيا كل ما كان في تطور في الأدوات كل ما كان في تطور في الحروب، وبالفعل تطورت أنواع الحروب إلي عدة أجيال لتلائم أهدافها المتغيرة، خاصة مع التطور التكنولوجي الرهيب الذي نعيشه، والذي أدي لتطوير تقنيات في الواقع الافتراضي لتتحول الحرب إلي حرب معلومات بدلاً من حروب المدافع
_ نريد إلقاء الضوء على الفرق بين حروب الجيل الرابع وحروب الجيل الخامس
انقسمت الحروب إلي أجيال كالتالي: الجيل الأول “جيشين نظاميين ومواجهة صاروخ ضد صاروخ”، ثم إلى “حروب الجيل الثاني العصابات”، ثم حروب الجيل الثالث وهي وقائية وسريعة وخاطفة ثم حروب الجيل الرابع و من أدواتها”الحرب النفسية، العصابات، شبكة الإنــترنـت وتغيير مفردات اللغة العربية إلى جانب الضغوط الاقتصادية، وتضم “اللعب في البورصة، زيادة الأسعار، أزمة الدولار، ضرب السياحة، تصدير الأزمات”.
إذن حروب الجيل الرابع مثل ما ذكرت ف السابق هي حروب تستهدف العقول باستخدام التكنولوجيا ودون تدخل عسكري أما حروب الجيل الخامس فهي دمج بين حروب الجيل الرابع التي تستخدم التكنولوجيا في حروبها والحروب التقليدية.
_ وما الهدف من حروب الجيل الرابع
تهدف حروب الجيل الرابع إلى زعزعة الاستقرار والتشكيك في الجيش والشرطة والقيادات السياسية وضرب الاقتصاد بضرب السياحة ونشر الشائعـات واستخدام التكنولوجيا في التنظيمات الإرهابية، وفي حقيقة الأمر تمثل قضية شديدة الخطورة على أمن مصر، وكان خير شاهد هي الأحداث التي شهدتها مصر منذ عام 2011 والتي كان هدفها هو تدمير أجهزة الدولة وإثارة الفتن ونشر الشائعات وتحطيم ثقة الناس في بعضها وقياداتها.
_ وكيف يمكننا التصدي لحروب الجيل الرابع
التصدي لحروب الجيل الرابع عن طريق التوعية وإنشاء خطة إعلامية شاملة للدولة تشترك فيها كل وزارات وأجهزة الدولة للتصدى لكل أساليب الجيل الرابع ووضع خطة مضادة للحرب النفسية والتركيز على فئة الشباب في المرحلة المقبلة، و استخدام القوى الناعمة في تصحيح المفاهيم والرد على حملات التشكيك، والتعاون الإقليمى والدولى للتصدى لهذه الحروب، ووضع نظام للجمعيات الأهلية العاملة في الدولة، ووضع نظام لأسلوب عمل الهيئات الدولية داخل الدولة.
_ هل حروب الجيل الرابع تساعد التيارات المعادية على تحقيق اهدافها.. وكيف نواجه مخاطر حروب الجيل الرابع ؟
اكيد طبعاً وعلينا إدراك أهمية الوعي لأننا بهذا ننظر إلى غد أفضل، حيث إن المشاركة الفعلية تبدأ من الاهتمام ببناء الوعي وهو الفهم والإدراك السليم ويأتي هذا من نشر المعرفة والخبرات الحياتية، وكذلك إعمال العقل وبالتالي نجد أننا أمام عملية عقلية يستطيع خلالها الإنسان أن يفهم ويدرك بشكل سليم ليحلل ويقارن لاتخاذ القرار السليم.
والوعي لا يقتصر فقط على ما نعانيه من مشاكل خاصة بـ”الشائعات أو الحرب على الإرهاب، أو الفتن وإنما بالوعي الذي يشمل كافة جوانب حياتنا، فنحن بحاجة إلى أن نقوم ببناء الوعي لدى المرأة من كافة الجوانب الحياتية، وكذلك بناء الوعي لدى الطفل من ناحية الإرشاد والتعليم، وأيضا توعية الشباب كيف يفكر ويتخذ قرار سليم
_ سمعت لحضرتك في حديث سابق أن حروب الجيل الرابع هي الحروب الاشرس تدميراً.. كيف ذلك؟
حقيقة لأنها حرب يتم فيها احتلال العقل وليس الأرض، لتجد نفسك في ميدان معركة لا تعرف فيها خصمك الحقيقي، حرب يتم فيها السيطرة على العقول لتقوم أنت بتدمير ذاتك، حرب طويلة الأمد، ويمكن أن تمتد إلى أجيال، تتعمد الإضعاف المستمر للعدو باستخدام كل وسائل الضغط المتاحة، من حصار اقتصادي وضغط دولي وإشاعات وتمويل لجماعات ضغط، سواء كانت سياسية أو مسلحة، وكل ذلك يحتاج إلى عدة سنوات، حتى تتم النتيجة المرجوة.
كلمة أخيرة
لابد من تكاتف وتعاون وتنسيق بين مؤسسات متعددة وهي: المؤسسة الدينية، المؤسسة الثقافية، المؤسسة التعليمية، الشباب والرياضة، والإعلام والذي له دور مهم من خلال نشر المعرفة والحقائق والاهتمام بتغذية العقل لما يتيح للإنسان أن يقارن ويحلل ويفهم ويتخذ القرار الصحيح، وكذلك يدرك إدراك صحيح، هذا بالإضافة إلى أن الوعي هو حائط الصّد أمام أي أفكار متطرفة أو سلوكيات منحرفة وبالتالي الرهان على الوعي.