
.
أكتوبر عبور الإرادة المصرية لصناعة مستقبل أمة
فاتن ابوسديرة.. تكتب
تمر بنا هذه الأيام ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة ولا يكد يمر عام إلا وتُستحضر عبر الشاشات أو عبر الشبكة العنكبوتية ما أحدثته هذه الملحمة من نقلة نوعية ليس على الصعيد العسكري و السياسي فقط ، بل على مستوى الروح الوطنية لدى المواطن التى عززت شعور الفخر والولاء والإنتماء .
كان نصر أكتوبر ركيزة لإعادة بناء الثقة ومفهوم الإرادة لدى المواطن المصري
خلقت هذه الروح مشاعر من العزة والفخار على مدى اجيال ستظل تسهم فى بناء مستقبل أكثر قوةً وتقدم ،
“فعبور السادس من أكتوبر” سطرته صفحات التاريخ كأحد أبرز و أهم الأمثلة على التخطيط الاستراتيجي الناجح في القرن العشرين، والذي دعم قدرة الأمة على محاكاة الإرادة الصارمة لأداء مهام ومهارات صعبة ودقيقة بالصبر، والتحليل، واتخاذ القرارات المصيرية فى التوقيت المناسب
كان التخطيط العسكري الجيد الذى جرى الإعداد له على مدار سنوات قبل اندلاع الحرب، لتجهيز الجيش وإعداده بأعلى درجات الكفاءة والجاهزية والسرية. هذا التخطيط المعقد والمُحكم هو ما مكن قواتنا المسلحة من عبور أصعب وأقوى مانع مائي في التاريخ الحديث كما مكن القوات من اقتحام خط بارليف المنيع وتدميره .
—الروح المعنوية والتمويه
كذلك ساهَم فن الخداع الاستراتيجي الذى انتهجه قيادات القوات المسلحة ساهم في تضليل العدو، وإيهامه بحالةٍ من الاسترخاء والاريحية في صفوف الجيش قبيل انطلاق ساعة الصفر.
تلك اللحظة التي شكلت مباغتةً كاملةً للعدو وأصابت قياداته بالشلل فى القدرة المواجهة الفورية على الارض كان اختيار هذه اللحظة تجسيدًا لعبقرية القيادة في اختيار التوقيت وتنفيذ المفاجأة الصادمة التى اجهضت خطط العدو واربكت صفوفه
—التكاتف الشعبي والمؤازرة العربية شاركت في صناعة النصر:
ابرز نصر أكتوبر ملحمة تكاتف الشعب المصري وتحمله لشدائد الحرب وما قبلها.
لقد كان هذا الشعب هو السند والعمق الاستراتيجي، الذي احتضن جيشه ودعمه بغير تردد، مقدمًا دروسًا في الصبر و التضحية الوطنية من أجل استعادة الأرض المسلوبة.
كما برز دور الوحدة العربية جليا فى هذه المحنة و أثبت العرب أنهم يدٌ واحدة كيان واحد دم و لغة و دين وارض تجسدت المؤازرة العربية في أبهى صورها فى الدعم العسكري المباشر من خلال مشاركة بعض الوحدات العسكرية من سوريا والعراق والجزائر وغيرها ، وكذلك الدعم الاقتصادي بقرار استخدام سلاح النفط الفعّال من قبل دول الخليج، مما أحدث هزةً في المشهد الدولي وأكد مركزية القضية العربية
لذلك فصوت العقل يقول دائما أن الوحدة العربية ستظل قائمة مهما شابتها بعض الشوائب ومهما اعتل الجسد الواحد ستلتئم الجراح ويعود الجسد لينبض بالحياة والأمل فى غد تمتد فيه جسور التعاون والتآخى بين اشقاء الدم واللغة والثقافة والتاريخ والجغرافيا
—النتائج والتحديات
ان هذه السطور حول ملحمة أكتوبر لهى لمحة صغيرة مما قدمته هذه الملحمة من نقلة هائلة على الصعيد الإقليمى والدولى خرجت بنتائج عظيمة شكلت حاضر ومستقبل المنطقة فى استعادة الأرض والكرامة، وكسرت أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر”.
فتح نصر أكتوبر الباب أمام مسار سياسي واقعي قاد في النهاية إلى استعادة كامل أرض سيناء الغالية
لكن المؤكد اليوم أن الإرادة التي سبق وأن شكلت انتصارات أكتوبر باتت تشكل عصب التنمية المستدامة لأي دولة تسعى لمواكبة التقدم العالمي والاستفادة من التاريخ الحديث واستثماره لخدمة شعوبها وتطوير خدماتها للمواطن وحماية أمنها وأمانها .
وتحيا مصر