كتاب ومقالات

يا عزيزى كلنا فاسدون

وقت النشر : 2023/02/26 09:08:30 PM

يا عزيزى كلنا فاسدون
فاتن ابو سديرة.. تكتب
يحصر اغلبنا مفهوم الفساد فى اطار ضيق يشير الى الفساد الادارى كتخطى الإدارة للأكفاء فى الترقيات لحساب من لا يستحق او تقديم رشوة للموظف تحت مسمى اكرامية لانهاء طلب ما فى مصلحة ما او ادارة
لكن مفهوم الفساد يتخطى هذه النظرة الضيقة للفساد بل قد يمارسه بعضنا دون ان يشعر انه يشارك فى عملية فساد ما

هل نحن جميعا فاسدون !!؟
فالمدرس الذى يهمل عامدا الشرح بضمير وايضاح ما يعن للطالب من تساؤلات داخل فصله ليهرول اليه الطلبة طالبين دروسا خصوصية هو مواطن فاسد
والطبيب الذى يتاجر بالمرضى فيقوم بتحويل المريض الى مركز اشعة او معمل للتحاليل للشراكة معه او جنى ارباح ما دون حاجة المريض لذلك او بالمبالغة فى اسعار الكشوفات هو ايضا فاسد
والموظف الذى يتقاضى مرتبه كاملا ويستقطع من ساعات عمله للتزويغ من العمل للجلوس على المقاهى او تعطيل مصالح المواطنين بحواراته الهاتفية الخاصة هو فاسد
والاب الذى يكذب ويراوغ الاخرين تحت مرأى ومسمع اولاده او يلقى اثناء سيره بسيارته من نافذتها القمامة هو فاسد
حتى عامل النظافة الذى يترقب السيارات والماره متظاهرا بانه يؤدى عمله ليتسول من المارين فهو فاسد
والتاجر الذى يخزن بضاعته لتشح فى الاسواق طمعا فى زيادة سعرية مرتقبة هو فاسد
…. الخ من نماذج الفساد المتفشية حولنا

فالمعنى الاعم والأشمل للفساد هو موت الضمير وعدم استشعار مراقبة الله لأعمالنا ايا كان موقعنا
فالفاسد لا يستفيد فقط من فساده ويحقق من وراءه مصلحة ما لكنه يجور على حق اخرين طالهم ضررا من ممارساته الفاسدة

ان هذه المظاهر للاسف تتفشى دائما فى مجتمعات العالم الثالث لانها نتاج طبيعى للتخلف وانتشار الجهل لذلك كانت اولى مراحل علاج هذه المشكلات وبالتالى الحد من انتشار الفساد (ونقول هنا الحد وليس المنع لأنه ليس هناك مجتمع ملائكى ولكن علاج الاسباب التى ينتج عنها الفساد قد يحد من انتشاره ويعمل على تحجيمه)

هل يمكن علاج الفساد ؟
اولى مراحل العلاج هو نشر الوعى الثقافى والمجتمعى بين افراد المجتمع

توجيه الوعاظ وائمة المساجد أو رهبان الأديرة الى تناول هذه الموضوعات وطرحها فى خطبهم
فى المساجد والكنائس وتوعية الناس بإثمها والتوعيه بمراقبة الله فى كل كبيرة وصغيرة من أعمالنا

ووضع وتفعيل القوانين والقرارات الرادعة وتغليظ العقوبات المطبقة على كل فاسد او مشارك فى عملية فساد نتج عنها ضررا بآخرين

فالمجتمعات المتحضرة تقل فيها نسب الفساد حيث الرقابة الذاتية لكل مواطن على نفسه دون انتظار لسن قوانين او تشريعات لضبط سلوك المواطنين

ونحن لن نصل للمستوى الذى نحلم به من التحضر والمدنية الا بتحجيم الفساد والحد من انتشاره
بالقضاء على هذه الآفات التى تضرب مجتمعنا من امراض الجهل والتخلف والسلبية والتى ترسخ للفساد وتدعمه

كيف يتحقق الحلم ..
لماذا لا يبدأ كل منا بنفسه باستشعار مراقبة الله لنا فى كل أعمالنا ومراقبة انفسنا مراقبة ذاتية لتقويمها وايا كانت مواقعنا او اعمالنا يحاول التخلص من هذه الآفات التى تفتح باب الفساد الذى يعرقل مسيرة الجمهورية الجديدة التى نبنيها لتقوم على مبادئ العدالة وتكافؤ الفرص ويقوض جهود الدولة فى البناء والتنمية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى