بقلم د . صالح وهبة
أهم واخطر كلمات في ألف باء تربية هي كلمات “برافو .. ممتاز .. شاطر “
حتى لو مثلت على ابنك أو خدعته غالبا سيصدقك ففي معظم الأحيان يكون “الإبداع من الخداع “
هذه الكلمات المحفزة هى وقود ودافع للمثابرة والتحدي .. هذه الكلمات تصنع المعجزات.
لو ابنك حصل على درجة منخفضة في اختبار ما، لا توبخه ولا تمطر عليه الاتهامات والكلمات المحبطة مثل “أنت غبي .. أنت مهمل ” بل حول التوبيخ إلى تشجيع مثل “أنا عارف إنك ذكي وممتاز بس أنت قصرت شوية في المذاكرة”.
وحذار .. لو عكست الجملة وجعلت كلمة “بس ” تنط في أول الجملة : بس انت مقصر .. بس انت مستهتر ….”
ابدأ بالتشجيع ثم العتاب .
يحضرني في هذا .. وأنا في رابعة ابتدائي ومعلمي كان دائما يكتب لي في كشكول الحساب هذه العبارة “جيد جدا وإلى الأمام ، يابني في مستقبل زاهر إن شاء الله “
هذه الجملة كانت بمثابة وقود تشعل في نفسي نور الأمل والإحساس الجميل بغد مشرق وأيقونة جميلة مزدانة بالحلم الجميل الذي يحولني إلى صقر شامخ في سماء الإرادة والتحدي مهما كانت الصعاب .
أنت كـولي أمر، قادر على أن “تصنع ابنك بكلمتك” إذا قلت لابنك أنت ذكي سيحاول جاهدًا أن يكون ذكي ولو قلت له أنت غبي ستقتل كل شىء فيه ولا تقوم له قائمة
لانك أنت مصدر حب .. محل ثقة .. قيمة كبيرة في نظر ابنك، فلو شجعته وقلت له كلمات حلوة مثل “انا شايف انك هتكون مخترع .. هتكون عالم ……” الولد سيحاول ان يحقق لك هذا الحلم حتي يرضيك ويجد ويجتهد لإثبات ذلك الأمل .
وفي هذا السياق نذكر إديسون صاحب أكثر من ألف اختراع ، عندما أرسلت المدرسة لأمه رسالة بها كلام صعب، أخذت الأم الورقة وأخفتها عن ابنها وقالت له هذه العبارة الجميلة “المدرسة بتقوللك إنك ذكي جدا وإمكانياتك أرقى وأسمى وتفوق التعليم في هذه المدرسة”
فقال لها اديسون بفرح “معقولة ياماما قالوا عني شاطر وأرقى واسمى من أن أتعلم في هذه المدرسه”؟
تحركت أمه وراء هذا العنوان “أرقى واسمى” وأحضرت له معلم في البيت وأصبح اديسون العالم الشهير .
وبعد وفاة أمه وجد ورقة داخل دولاب مكتوب فيها ” ابنك غبي مايجيش المدرسة”وكانت المفاجأة !!!!!
لو كانت الأم وبخته وقالت له كلام محبط مثل “انت فاشل .. انا كنت عارفه إنك غبي ..كلامي دار ووقع ” وعملت نفسها نبية وكانت عملت مثل الجراح المستهتر الذي يبتر ويرمي مش فاضي يضمد ويضع مطهرات ولا ميكروكروم ولا قطن ،
ما كنا نسمع عن هذا العالم صاحب الاختراعات العديدة ومنهم “النور”.
انتباه !!
التوبيخ كلمة سريعة تبيد في لحظتها عكس التشجيع يحتاج وقت ومتابعة واستمرارية ونحن كأولياء أمور أو مربيين نفتقر إلى هذا ونستعجل الأمور !!!
تخطر على بالي قصة خيالية ..
تجمع عدد من الضفادع لتسلق جبل وأثناء تسلقهم سمعوا كلمات سخرية من المتفرجين فتساقط الواحد تلو الآخر إلا ضفدع واحد هو الذي وصل إلى القمة وصفق له الجماهير وتم استضافته في برنامج تليفزيوني وعندما سألته المذيعة عن سبب إصراره للصعود وتميزه عن أقرانه وكيف اكتسب هذه المهارة
، لم يرد ثم كررت له نفس السؤال لم يرد أيضا فتبين أن هذا الضفدع أصم وهذا ما ساعده على النجاح ،
لأن لو كان سمع كلمات السخرية من المتفرجين لفشل مثل أقرانه .
إياكم والسخرية ..
دخل شاب بيته وهو يغني فسمعت أمه صوته فقالت له “صوتك زي الحمار “
هذا الشاب حتي وصل لثانية جامعة ، كانوا يحضروا له في البيت طبيب تخاطب يعلمه الكلام .. يعلمه ازاي ينطق !!!
“متى يظهر التشجيع”
في المشاركة
كنت في بعثة لاسكتلندا وزارني بسكني صديق وبعد أن أخذ واجب الضيافة لاحظته ينظر في الساعة قائلا: استاذن .لأني ابنتي في ماراثون ببلدة مجاورة ولابد من حضوري لتشجيعها .
تخيلوا شعور هذه البنت عندما تجد أباها وهو جالس مع الجماهير يصفق لها ؟
أكيد ستكون في قمة السعادة .
أثناء الكلام
عندما تقدم أولادك .. يظهر في لغتك هل أنت فخور بهم أو مكسوف منهم وياويل الطفل الذي يشعر بأن أباه مكسوف منه سيتدمر كل شيء بداخله
ليتنا نبعد عن المقارنة فنقول :”ده شاطر في الحساب .. أما ده سيك منه ده ضايع
ماذا تنتظر من ابنك عندما تصغره أمام الناس ؟!
الاحترام
لو سألت ابنك في شىء لا تعرفه “
فمثلا تطلب منه إصلاح الموبايل ” بذلك ستعطيه ثقة في نفسه وتشعره بأهميته وهذا نوع من التشجيع
الخصوصية
لا تشجع أطفالك بالجملة ، وزع الأدوار “انت ساعدني في دي .. وانت وصلني ..وانتي الوحيدة اللي تعرفي تعملي ده”
التشجيع عندما يكون شخصي يكون مثمر ومجدي
وفي النهاية
شجعوا أطفالكم .. اعطوهم ثقة في أنفسهم.. اعرسوا فيهم التحدي والصمود ..
فلو تصفحنا سيرة الناجحين من حولنا ، لوجدناها حبلى بالمعاناة التي رافقت بدايتهم وساهمت في صنع النجاح الذي يعيشون فيه
فالأجنحة التي لا ترفرف لا تطير
والأبطال لا تصنع في صالات تدريب وإنما يصنعون من أشياء عميقة بداخلهم وهي الإرادة والحلم والرؤية المستقبلية .
