ترجمة: آية حمدي
مما لا يدع مجالاً للشك أن التقدم الذي تشهده إندونيسيا صنعته شخصيات متميزة ذاع صيتها في مختلف بلاد العالم، وتركت بصماتها في كل مجالات الحياة، من العلم إلى الاقتصاد، الفن، الهندسة، الفلك، الفضاء، الصناعة وغيره، وأصبحوا فخر الأمة الإندونيسية وقوتها الناعمة، ومصدر إلهام لكثير من الأشخاص للسير على خطاهم في المثابرة والعمل بجد وإخلاص من أجل رفعة الوطن وعلو مكانته، ومن هذه الشخصيات ما يلي:
المهندس “بحر الدين يوسف حبيبي” والذي يلقب بأبو الديمقراطية ورائد التطور التكنولوجي في البلاد، وهو الرئيس الثالث لإندونيسيا، ولد في باري باري عام 1936 بمقاطعة سولاوسي الجنوبية، درس الهندسة بمعهد باندونج للتكنولوجيا، و استكمل دراساته العليا في هندسة الطيران بألمانيا، وحصل على الماجستير والدكتوراه، ثم عمل بأحد شركات الطيران هناك.
بعد عودته إلى إندونيسيا شغل “حبيبي” منصب وزير الدولة للبحوث والتكنولوجيا إبان فترة الرئيس “سوهارتو” الذي دام حكمه لأكثر من 30 عاما، بعد ذلك أصبح نائبا له، ثم رئيسا لإندونيسيا عام 1998، بعد أن قدم “سوهارتو” استقالته بعد مظاهرات ضده قام بها كثير من الإندونيسيين.
اعتلى ” بحر الدين يوسف حبيبي” سدة الحكم في البلاد، وكانت تشهد فوضى عارمة في كافة القطاعات، فضلا عن سوء الأوضاع الاقتصادية تأثرا بالأزمة المالية الآسيوية في ذلك الحين، وسرعان ما اتخذ عدة قرارات في مختلف القطاعات، منها تحرير قوانين الصحافة والأحزاب السياسية، إنشاء أول لجنة للتحقيق في الفساد، وإجراء استفتاء لاستقلال تيمور الشرقية، و قانون الحكم الذاتي الإقليمي الذي من خلاله حافظ على تماسك البلاد وعدم تفككها، وإنشاء العديد من الشركات المتخصصة لصناعة الطائرات، والسفن، والاتصالات، والسلاح وغيره، فضلا عن السياسات الهامة التي اتخذها وشكلت تحول هام في تاريخ البلاد.
على الرغم من قصر فترة حكم “حبيبي” والتي دامت لقرابة 17 شهرا فقط، فقد تمكن من ترك سجلا حافلا بالانجازات التي ستظل عالقة في أذهان الشعب الإندونيسي، علاوة على تأسيسه لدولة قوية أصبح اقتصادها من أقوى اقتصاديات العالم، فضلا عن تطلعها لتكون في مصاف الدول المتقدمة.
في عام 2019 ودعت إندونيسيا الرئيس الإندونيسي ” بحر الدين حبيبي” عن عمر ناهز 83 عاما.
“أغنيس مونيكا” عند التحدث عن قصص النجاح الملهمة لابد من التطرق إلى مسيرتها المتميزة، ولدت في جاكرتا في 1 يوليو 1986.
تتميز” مونيكا” بمواهبها المتعددة في الغناء، والموسيقى، والمسرح، وتقديم برامج للأطفال، والتمثيل، وتحظى بشهرة كبيرة جدا على الصعيدين المحلي والدولي، وهذه الشهرة لم تكون وليدة اللحظة ولكن اكتسبتها منذ الصغر في سن السادسة من عمرها، عندما أصدرت ثلاثة ألبومات للأطفال، فضلا عن الأدوار الكثيرة التي قدمتها في المسلسلات والبرامج التليفزيونية المختلفة وغيرها من الأعمال الفنية الكثيرة التي قامت بها.
حققت ” أجنيس” مرادها وأصبحت في مصاف المشاهير والنجوم، وعملت على ترسيخ شعبيتها من خلال التعاون مع فنيين من مختلف دول العالم، وفازت بالعديد من الجوائز المحلية والدولية.
“جوي ألكسندر” ولد في دينباسار، بالي، في 25 يونيو 2003 ، يبلغ من العمر 19 عاما، هو موسيقي وعازف بيانو، وأول إندونيسي يتم ترشيحه لجائزة “جرامي” وهو في سن الثالث عشر من عمره، وهي جائزة أمريكية تُمنح سنوياً من أجل تقدير ومكافأة الإنجازات والجهود المتميزة في مجال الموسيقى.
كان والديه من محبي موسيقى الجاز، وأحبها جوي أيضا وتعلمها من أبيه وهو في سن السادسة من عمره، واستطاع العزف على البيانو في ذلك الوقت من خلال استخدام لوحة مفاتيح كهربائية صغيرة قدمها له والده، وكان يستمع إلى مؤلفات موسيقية متعددة ومختلفة.
وعند الحديث عن ” جوي ألكسندر” لابد من ذكر فضل والديه عليه، فهم أصحاب النجاح والتميز الذي وصل له، فقد قاموا بإغلاق شركاتهم السياحية التي كانوا يديرونها في مسقط رأسهم الذي كان يخلو من دورات رسمية لموسيقى الجاز، وانتقلوا إلى بالي وجاكرتا كي يكون “ألكسندر” على مقربة من كبار موسيقى الجاز في إندونيسيا.
في سن التاسعة من عمره في ، فاز “ألكسندر” بالجائزة الكبرى في مهرجان ماستر جام 2013 ، وهي مسابقة لموسيقى الجاز لجميع الأعمار في أوديسا، أوكرانيا، وكان متقدم لها حوالي 200 موسيقيا من 17 دولة في العالم، وبسبب نجاحه الباهر وتميزه جعله مرشحا لجائزة ” جرامي” الأمريكية.
في عام 2015 ، أصدر جوي ألكسندر ألبومه الأول بعنوان “myFavorite Things”
تحت إشراف استديو” موتيما ميوزيك” بالولايات المتحدة الأمريكية ويتكون الألبوم من أغاني مختلفة ومتنوعة يبلغ عددها حوالي 10 أغاني.
” سوسي بادجياستوتي ” لا يمكن أن نتكلم عن قصص النجاح بدون ذكر رائدة الأعمال “سوسي بادجياستوتي”، على الرغم من أنها لم تكمل تعليمها الجامعي، إلا أنها بفضل طموحها وتطلعاتها الجادة وسعيها الدؤوب تمكنت من تحقيق شهرة كبيرة وامتلاك العديد من الشركات وغيرها، ووصلت إلى مكانة مرموقة.
ولدت في بانجانداران، جاوه الغربية في 15 يناير 1965، وعلى خطى عائلتها التي كانت تتاجر في المواشي،والتجارة والعقارات، أرادت ” سوزي” أن تسير على خطاهم وتؤسس لحياتها العملية في سن مبكر وأصبحت رائدة أعمال.
عُينت في عام 2014 كوزيرة للشؤون البحرية ومصائد الأسماك في عهد الرئيس الإندونيسي “جوكوي ويدودو”، في الفترة من 2014-2019. وقبل دخولها العمل الوزاري تخلت ” سوسي بادجياستوتي” عن كافة الأعمال التي كان ترأسها وتديرها.
حصلت على العديد من الجوائز منها ما يلي:
- جائزة بريمانيارتا لأفضل مشروع للمشاريع الصغيرة والمتوسطة لعام 2006 من رئيس جمهورية إندونيسيا.
- جائزة سفيان إلياس من وزارة الشؤون البحرية ومصايد الأسماك لعام 2009.
- “ديان بلانجي” هي مصممة أزياء شهيرة، ولدت في بيكالونجان، جاوة الوسطى، 14 يناير1991، تخرجت من مدرسة أزياء شهيرة في باريس.
تحظى هذه الفتاة الجميلة بشهرة كبيرة في إندونيسيا وخارجها، وتتمتع بذوق عال في تصنيع الملابس الإسلامية التي تواكب العصر، وتترجم ذلك من خلال اختيار أزهى الألوان والتي تشبه قوس قزح، فضلا عن العناية بتقاليد وتقنيات الأزياء الاندونسية التراثية.
لم تأخذ وقت كبير في إثبات وجودها في عالم الموضة والذي سرعان ما اقتحمته، وواصلت مسيرتها في عالم الأزياء، وتعتمد تصاميم الأميرة بسمة بنت طلال في الأردن.
جذبت انتباه عالم الموضة الدولي إليها من خلال مجموعتها التصميمية الرائعة ذات الطابع الجذاب من خلال مشاركتها في إسبوع الموضة في لندن وأخر في نيويورك، وغيره.
في عام 2018 ، وفقا لمجلة فوربس تم اختيارها من أكثر الشخصيات المؤثرة تحت سن 30 عاما.
المهندس “محمد رضوان كامل” ولد في باندونج في الرابع من أكتوبر 1971، وحصل على بكالوريوس هندسة معمارية من معهد باندونغ للتكنولوجيا، ثم سافر إلى أمريكا لنيل درجة الماجستير بعد حصوله على منحة دراسية. بعد عودة “رضوان” من أمريكا تمكن من تأسيس شركة، وهي شركة تعمل في مجال التخطيط، والهندسة المعمارية، والتصميم، وتقديم خدمات استشارات.
اشتهر اسم ” رضوان كامل” بتصميماته المعمارية الرائعة والتي تحمل في ظاهرها وثناياها كل معاني الإبداع والتألق والتميز، وتمكن من ترك بصماته على كثير من المباني والمنشأت والفنادق والمساجد وغيرها في إندونيسيا.
تمكن المهندس “رضوان كامل” من الفوز بأغلبية ساحقة كعمدة لباندونج في عام 2013، ويحظى بحب واحترام وتقدير الجميع له، ويُنسب له الفضل في إحداث تغييرات إيجابية في باندونج، فضلا عن سعيه المتواصل من أجل إظهارها كمدينة حضارية متقدمة ليس على المستوى المحلي فقط ولكن على المستوى الدولي، مما جعلها مؤهلة وبامتياز لاستضافة مؤتمر آسيا وأفريقيا على أرضها.
حصل “رضوان ” على جوائز عدة في التصميم والعمارة وغيرها منها ما يلي:
- الفائز الثالث في مسابقة تصميم مسجد سورامادو، 2010.
- جائزة أفضل رائد أعمال دولي في مجال التصميم من المجلس الثقافي البريطاني في إندونيسيا، 2012.
- الفائز السادس بجائزة أفضل مستشار معماري للتصميم، جائزة.Citradat
ومن التصميم والهندسة إلى الاقتصاد مع شخصية عظيمة، تستحق أن تكون قدوة للجميع، كانت خير ممثل لإندونيسيا في المحافل الدولية، يرجع لها الفضل إلى حد كبير في تعزيز اقتصاد إندونيسيا، وزيادة الاستثمارات وتوجيه أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا من خلال الأزمة المالية في 2007.
ولدت ” سري مولياني” في بندر لامبونج، 26 أغسطس 1962، تخرجت من كلية الاقتصاد، جامعة إندونيسيا، بعد التخرج بعامين سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية لاستكمال مسيرة الدراسات العليا ، وحصلت على الماجسيتر، ثم درجة الدكتوراه في الاقتصاد من هناك.
بعد عودة “مولياني” إلى إندونيسيا عملت كأستاذ جامعي في كلية الاقتصاد، جامعة إندونيسيا، وأشرفت على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه، وشغلت عدة مناصب في نفس الجامعة منها نائب رئيس التعليم، ونائب البحوث في كلية الاقتصاد وغيره.
ونظرا لمهاراتها التحليلية الثاقبة والنقدية، تم تعيين “سري مولياني” مستشارا للحكومة في عهد الرئيس الإندونيسي “عبد الرحمن وحيد”، ثم وزيرا للتخطيط في عهد الرئيس الإندونيسي ” سوسيلو بانبانغ يودهويونو”، وبعدها بعام شغلت منصب وزيرا للمالية.
استقالت الدكتورة “سري مولياني” من منصب وزير المالية لأتها اختيرت مديرا للبنك الدولي في عام 2010، وتعد أول أمرأة آسيوية تشغل هذا المنصب، وهي تستحقه عن جدارة.
في عام 2016 شغلت “مولياني” منصب وزيرة المالية مرة أخرى في عهد الرئيس الإندونيسي الحالي ” جوكوي ويدودو”.
بسبب أدائها المتميز حصلت الدكتورة “سري مولياني” على العديد من الجوائز منها ما يلي:
- أفضل وزير مالية في آسيا من قبل الأسواق الناشئة في 18 سبتمبر 2006.
- أفضل وزير في القمة العالمية للحكومات في دبي، جامعة الإمارات العربية.
- تعتبر من أكثر النساء المؤثرات في العالم، وفقا لمجلة فوربس.
وفي الختام نكون قد سلطنا الضوء على شخصيات مؤثرة حققت انجازات فارقة في إندونيسيا، وتستحق تسليط الضوء عليها في عالمنا العربي كي يكونوا نبراسا للأجيال الحالية والقادمة، ويستلهموا من تجاربهم، ويتعلموا من مواقفهم فى الحياة ما يعينهم على تخطي الصعاب والعراقيل حتى الوصول إلى القمة وتحقيق الأماني والأحلام.