قصة عشق “زليخا” لسيدنا يوسف
صبري الحصري .. يكتب
حين نطالع كتابات المبدعين والمؤلفين اليوم نجدهم منغمسين دائما فى الحديث عن الحب ونتوهم بأنهم يجسدون أروع وأسمى معانى العشق، ولكن حين نسترجع قصص الحب التى كانت فى أيام الأنبياء والرسل، نجد أننا لا نعلم شيئا عن الحب والوفاء، ففى أيامهم كان يقدم الحب بلا مقابل، لتعجز أكثر الكتب مبيعاً في هذا الشأن ان تبلغ ما بلغوه شيئاً من هذه الدرارى.
فكانت قصة حب السيدة زليخا لنبى الله يوسف عليه السلام قصة درامية مليئة بالتفاصيل والأحداث المثيرة، التى تجسد أسمى معانى الحب، فلايوجد عشق مثل عشق هذه السيدة لسيدنا يوسف، فهى كانت من أجمل فتيات مصر، وزوجة عزيز مصر،ولكنها أحبت سيدنا يوسف بطريقة لا يمكن وصفها كانت زليخا.
فبعد أن قام إخوة يوسف برميه في البئر ليتخلصوا منه، وجده تاجر عربي اسمه مالك، وقام ببيعه بسوق النخاسة لعزيز مصر بوتيفار، وقام بتربيته في قصره بين زوجته وبينه، واعتبره ابنه، وكبر يوسف بين العزيز وزوجته لمدة أحد عشر عاماً، فأصبح شاباً جميل الوجه، كلامه حلو ومنمق، وقوياً شجاعاً لا يخاف في الله لومة لائم، وكان صاحب علم وثقافة كبيرة.
وأحبتة زليخا فى ذلك الوقت فكان لا يمض يوم إلا ويزداد شغف زليخا بيوسف إلى أن راودته عن نفسه ظانة منه أنه سيطيعها في معصية الله سبحانه وتعالى، إلا أن يوسف أبى أن يرتكب الخطيئة وهرب خارجاً لكنهما وجدا بوتيفار عند الباب.
وأخبرت زليخا زوجها بأنه حاول أن يفعل معها الخطيئة، فأخبرها بأن الفيصل فى هذه الحالة هو قميص يوسف فلو كان ممزقا بمسمار فيكون فى هذه الحالة بريئا، ووجد بوتيفار أنه ممزق بهذه الطريقة وأيقن وقتها أن زوجته زليخا هي الخائنة وهي من راودت يوسف عن نفسه.
واستشاطت بعدها زليخا غضبا وسعت جاهدة إلى تبرير صنيعها بإقامة حفل لنساء أكابر مصر اللاتي تكلمن ثم طلبت من يوسف أن يخرج عليهن فإذا بالنسوة يقطعن أيديهن مبهورات من جمال يوسف.
وأمرت زليخا بزج يوسف إلى السجن حتى ينصاع لرغباتها، لكنه ثبت على موقفه فقضى في السجن عشر سنين, لكن زليخا أخذت تعاني من آلام الفراق كثيراً وازداد عشقها وتعلقها به حتى باتت تقضي أيامها بالبكاء شوقاً إليه مما أضعف بصرها وجعلها تشيخ بسرعة وتفقد جمالها.
ومن شدة إشتياقها له طلبت زليخا من السجان أن يذهب ويضرب يوسف من أجل سماع صوتة فقال السجان ليوسف لقد أمرتني الملكة أن أضربك لتسمع صوتك ولكني سوف أضرب الأرض وأنت أصرخ، وظلوا يفعلون هكذا
لعدة أيام، ولكنها كانت تعلم بذلك فقالت بعدها للسجان أريدك أن تضرب يوسف حقا فقال لها أنا أفعل ذلك، فردت عليه أنك لم تفعل فلو فعلت كنت أحسست بالصوت على جلده قبل أن يصرخ.
وعاد السجان ليوسف وحكى له ما دار بينه وبين الملكة فقال نبي الله يوسف افعل ما أُمرت به فأخذ السجان الصوت وضرب يوسف، وفي لحظة وقوع الصوت على جسد يوسف أحست به زليخة قبل أن يصرخ يوسف في حينها صرخت زليخة فقالت ارفع سوطك عن حبيبي يوسف فلقد قطعت قلبي.
ولما قام النبي يوسف بتفسير رؤيا ملك مصر أخناتون “أمنحوتب الرابع” وظهرت براءته باعتراف زُليخا ,كذلك باعتراف نساء مصر أن يوسف كان عفيفاً تقياً، قام الملك أخناتون بإطلاق سراحه وعينه عزيزاً لمصر بعد وفاة بوتيفار زوج زليخا والذي مرض وتأثر من خيانة زوجته له, وندمه على سجن يوسف تلك المدة.
وبعد أن تولى يوسف الملك وأصبحت زليخة من سائر الناس، وقد شاب رأسها وعميت عينها وتقوس ظهرها حباً في يوسف وفي سائر الأيام جلست زليخة أمام بيتها وبجوارها جارية لتخبرها بأن يوسف قد أقترب، وأن عشقها له لهيب لا ينطفئ، وبالفعل ظهر بعدها موكب يوسف فاستوقفته زليخة وناشدتة يوسف ورآها بهذا الحال فقال لها أين شبابك وجمالك، فقالت لقد ذهب كل هذا من أجلك، فرد عليها كيف لو تري رجل آخر الزمان أكثر مني جمالاً وسخاءً وهو سيد الرسل وخاتمها فقالت زليخة آمنت بذلك النبي فجاء جبريل عليه السلام ليوسف فقال له يا يوسف قل لزليخة، أن الله تاب عليها ببركة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم