بقلم د . صالح وهبة
انتشر شبح هذا المرض وأخذ يلقي بظلاله على غالبية البشر ، وخاصة بعد أن تملك الخوف والذعر من جائحة كورونا لوجود علاقة وطيدة بين هذا المرض وبين هذا الفيروس.
وبحسب مجلة التايم الأمريكية التي تقول : إن الوسواس القهري ينتج بشكل أساسي من النشاط المفرط في “اللوزة”«وهي جزء صغير في قاعدة المخ يرتبط بمشاعر الخوف والخطر والاضطراب والاستجابة للمشكلات»
وأن هذا النشاط والاضطراب يكون على صورة ردود أفعال مبالغ فيها تسبب الخوف الشديد من المرض أو الجوع أو الموت أو التشريد وما إلى ذلك.
فمثلًا جائحة كورونا “بعبع للبشرية” حكمت عليهم بحبس انفرادي وحبس في البيت ، والافراط في التنظيف والتعقيم (هوس العدوى) لدرجة الشخص ممكن يغسل يديه عدة مرات ..خوف شديد وقلق ورعب!
ناهيك عن الخوف من المستقبل وخطر “الاحتباس الحراري “الذي يسبب الفيضانات والنزوح الى بلدان أخرى وارتفاع درجةحرارة الأرض والجفاف ونقص الغذاء. علاوة على سلعوة الأسعار التي تكاد تلتهم الأخضر واليابس وتدهور الاقتصاد وغلاء المعيشة .
كل هذا ساعد على استفحال هذا المرض النفسي اللعين (الوسواس القهري)وأصبح يتفاقم يوم بعد يوم بمتوالية هندسية..
هذا ما دفعني لتسليط الضوء على هذا المرض من خلال معرفة أسبابة وعلاجه..
ولكن في البداية يجب ان نتعرف على مصدر هذا المرض وهو الخوف والقلق .
أنواع القلق
(١) القلق النفسي العام
وهو قلق عام يصيب الانسان بسبب الحبس والمرض والخوف من المرض وصعوبة المعيشة .
(٢)أفكار مكررة وسواسية
تؤدي إلى تصرفات متكررة قهرية مثل أفكار النظام وغسيل اليد والجوع وترتيب الأشياء وعد الأرقام والاحتفاظ بحاجات معينة ،
بمعنى : فكرة تؤدي إلى حركة أو تصرف بهدف تخفيف القلق الذي يراود الدماغ .
(٣)..نوبات الهلع
نوبات من الخوف الفظيع مع أعراض جسدية مثل اضطراب القلب وتنميل الذراعين وعدم القدرة عل أخذ النفس وألم في البطن وقد يكون الخوف بدون سبب أو بسبب فكرة راودت عقله .
(٤)..دهشة ما بعد الصدمة
يتعرض لصدمة (حادثة .. حريق .. خوف من الموت.. كلما يفتكر هذا .. يأتي له إحساس بالخوف والتوتر سواء شاهده أو زار خياله .
(٥)الخوف الاجتماعي
خوف من الكلام أمام الناس ويتعلثم أثناء الحديث .. خوف من المثول أمام التليفزيون لتقديم برنامج.. خوف من مقابلة أو زيارة أشخاص.
دعنا ندخل في موضوعنا الأساسي وهو:
“الوسواس القهري .”
الوسواس القهري بكل بساطة هو فكرة أو صورة في الخيال لا تفارق الذهن والغريب كلما يقاوم الشخص هذه الفكرة كلما يصيبه قلق ويسمع صوت داخلي : “لازم تحقق هذه الفكرة”
فمثلا خارج من الشقة وقفل الباب يأتي له فكر “الباب ممكن يكون ماتقفلش ” يرجع يعيد على الباب يلاقيه مقفول ويخرج ويرجع ويعيد ويراجع ويشوفه ويتأكد مرات عديدة كذلك الحال في كوبس النور تملي “يراجع عليه”
هذا الشخص ممكن يصاب بوسواس المرض، تاني له فكرة إنه مريض قلب فيذهب لعمل تحاليل عند أكثر من طبيب ويتجمع لديه أكوام من التحاليل .
“أنواع الوسواس “
(١)
وسواس التأكد ..
يحب يراجع كل حاجة فمثلا: “يحط إيده في جيبه عدة مرات للتأكد من وجود المحفظة “
حتى في الكلام يكرر ما قاله مرات عديدة ويراجع فتح أو قفل الباب كما ذكرنا آنفًا .
(٢) وسواس التلوث
مجنون بالنظافة .. بغسل اليد والوجه باستمرار.
أحيانا يغسل السكر والجبنة بالماء ويغسل الصابون بالصابون.
ممكن تأتي له أفكار تلوث ذهنه مثل الشتائم .
(٣)وسواس التماثل
لو وجد حذاء (جزء منه مقلوب)يخرب الدنيا .
لو القلم غير موجود في مكانه المخصص على المكتب يعمل مشكلة.
(٤) وسواس الادخار
لا يرمي أي شيء سواء مفيد أو غير مفيد.. لدرجة إنه يكون مكتظ ببقايا وقطع بالية فتجد زراير ومسامير وسماعات مكسرة،
لأن هذا الشخص من كتر الوسوسة لا يقدر أن يعرف كيفية التخلص من هذه الأشياء .
(٥) ..وسواس اجترار الأفكار
يراجع كل فكرة قالها أو طرأت على ذهنه، دائما شاغل نفسه بالأفكار (بيتونس بيها).
والجدير بالذكر أن هناك فرق بين مرض الوسواس والشخصية الوسواسية فالشخصية الوسواسية هو شخص موسوس بطبعه، حريص أن يعمل أدق التفاصيل بنفسه ، لا يسندها لأحد وعمله هذا يضايق المحيطين به وهو في الحقيقة ليس مريض ولكن لو زاد التدقيق والحسوكة بطريقة غير عادية وأثر على علاقاته وعمله يتحول الى مرض الوسواس .
أسباب الوسواس
(١)..أسباب وراثية وكيماوية
يكون وراء هذا الشخص تاريخ وراثي بمعنى: عامل جيني مولود به يسبب خلل في مستوى مادة المخ وهي مادة”السيرتونين” المادة التي تعطي للشخص نسبة السعادة والاستقرار وهذه المادة تفرزها حويصلات المخ بطريقة معينة فممكن تنقص مع الوقت أو تنقص جينيًا.
وفي نهاية عام ١٩٩٥ وأوائل ١٩٩٦ اكتشف العلماء مادة تحفز المخ لانتاج مادة السيرتونين وكان اكتشاف مهول وتم بيع هذا الدواء بما يعدل مليار دولار في سنة واحدة( ٩٥ ~٩٦)
(٢)عوامل نفسية تربوية
يتعرض الطفل لقسوة ودقة وضغط غير مبرر من والدية وخاصة في فترة الطفولة المبكرة تلك الفترة التي يتم فيها تكوين الضمير .. تنهال عليه الأوامر في المشى واللبس .. المراقبة والزعيق .. فيكون نتيجة لذلك يفقد الطفل ثقته بنفسه (صوت والديه يرن في ودانه:انت مقصر ..انت مش منظم ..انت .. انت …..)مما يظطر الطفل أن يكرر ما يعمله ويقهر نفسه حتى يرضي والديه
(٤)العقلنة
العقلنة أو عزل المشاعر وفي هذه الحالة يفقد الشخص حبه لنفسه من كتر ما اتوجع من كتر الأوامر فيقرر يعمل الاتي:
يشغل فكره (يعمل حاجة ويكررها) “يتسلى وبتونس بفكره”. لكي يتخلص من الشعور بالذنب والتقصير .
العلاج
(١)..تؤخذ أدوية ترفع مستوى السيرتونين لمدة سنة او سنتين حسب الحالة ما إذا كانت حديثة أو متاخرة
(٢). أو جلسات علاجية وهي تأخذ وقت طويل وينصح بالجلسات بعد فترة من تقبل العقل للعلاج.
(٣) أو العلاج بالموجات المغناطيسية وهو علاج حديث يعطي نبضات مغناطيسية للمخ تؤدي إلى تنظيم الأفكار وتحفيز المخ على زيادة السيرتونين
وفي النهاية
نعذر أصحاب الوسواس القهري .. لا نلقي عليهم اللوم بل نساعدهم ونأخذ بيدهم ونعطيهم الأمل في الشفاء والثقة بالنفس .