كتاب ومقالات

فنجان قهوة و مسامرة

وقت النشر : 2022/10/20 11:35:56 AM

لـ : عائشة عمي

أرتشف قهوة الفضول في مساء من مساءات الكلمات المتلاكمة بين بعضها البعض وأشرد بالتفكير في هذا الصراع .

تأشر البوصلة وتتوقف بذاكرتها عند “عبد الرزاق بوكبة” الكاتب الجزائري وأبرز المثقفين المعروف بعلو الهمة والرؤية البعدية لا الآنية ، أين تتوضح صورة عريقة في مخيلته على مدى سنوات قصيرة أو متوسطة حول المشهد الثقافي الجزائري لو أتيحت السبل والامكانيات الحقيقة أمام من يملك نعمة الفكر والتطوير المجتمع الإنساني ولو تحمل كل شخص ذا شأن مسؤوليته ….

أليس كل راعٍ مسؤول عن رعيته؟!

المسؤولية بالنسبة لعبد الرزاق بوكبة أثقال لن تكون عبء على حاملها لو وزعت بين الأفراد يعول عليهم ويأتمنون على صون الأمانة الذين يملكون الكفاءة والمؤهلات و الشخصية المرنة التي تتعامل مع الظروف بسلالسة ووعي ومن يتجاوبون مع العقليات بالطريقة القريبة لمفهومهم .

يراهن عبد الرزاق بوكبة “رهان الحلال” وهذا من خلال ما جسده للقارئ من صورة حية وواقعية عن “أدب البيت ” ، الذي يتكون من أشخاص طبيعيين لهم مشاعر وأحاسيس ولديهم عقل متعطش للمحاورة والمسامرة التثقيفية ولأنه قدوة لكل من يعرفه رأينا الرقي الحقيقي في تصرفات وفعل هذا الرجل الذي صراحة يمكننا قول أن لقب المثقف يليق به كثيرا .

لم نرى بخل عبد الرزاق وكل ما أحسسناه هو العطاء والجود و الحماس الذي غلب على شخصيته الخلوقة ، رهان الحلال هنا بما تسقي أبناءك يسقونك ، ولما تنبتهم عليه ينبتون عليه ، الأبناء مثل الزرع أو البذور إن سقيتها بماء عفن يظهر التعفن حتى لون يكون باهت ومنفر وإن سقيتها بماء طاهر تنمو نمو سليم بطعم حلو.

إن تأسيس أسرة كتأسيس شركة فيها شركاء سواء كانت الشركة ذات المسؤولية المحدودة أو شركة ذات الشخص الوحيد ، التأسيس يبنى على أهداف معينة وعلى إستراتيجية مضبوطة واضحة الطريق بدون زخرفات ومبهمات الوضوح والنزاهة ، رأس مال الأسرة هو الوالدين لأنهم مصدر قوة الأبناء منهم يستمدون الإعتماد وبصيغة أخرى يستمدون التمويل الفكري والثقافي أو المعرفي .

يرشدنا عبد الرزاق بوكبة إلى الطريقة المثلى للتربية السليمة والممتعة والتي تشمل تربية عقلية، نفسية ، بدنية ، دينية وأن البيت هو سكينة المرء “العائلة” واللمة التي تتذوق فيها اللذة والمتعة وأن الحب ليس كلمة تقتل بل كلمة تحيي المرء ، أطفالنا يحتاجون إلى الحب في كنف العائلة.

نرى أحيانا أن بعض الأشخاص رغم كبر سنهم لكنهم مزالو متوقفين في مرحلة من مراحل الطفولة “نقطة من الماضي ” كأن تحرم أم طفلها من تذوق من أكلة ما ويبقى هذا الأمر عالق في ذهنه وعندما يكبر يتذوق مأكولات متنوعة لكن الذوق لن يكون مثل ذلك الطبق الذي حرم منه ، هكذا الحنان والحب ولو أغدقه كل العالم بحبه لن يكون مثل حنان وحب الوالدين .

عبد الرزاق بوكبة هذا الفيلسوف الذكي انتقل من أدب البيت من عارضته إلى عارضة المجتمع ليسجل أهداف معينة للوصول إلى الذروة التثقيفية المجتمعية والحد من الفجوة المعلوماتية والمعرفية من خلال اشراك الفاعلين سواء المجتمع المدني أو الشركاء المتفاعلين مع فحوى الفكرة .

وخرج عبد الرزاق بوكبة عن نطاق الروتين ووجه المألوف فذهب يربط بين المتفاعل و الساكن لينتج أكسجين جديد يساعد من لايتنفس ثقافة مجتمعية حقيقة على التنفس باستمتاع بغض النظر عن المعوقات والمثبطات التي تزرع هنا وهناك بقصد العرقلة .

سأختم بوح الليلة بعد استكمالي قهوتي وهدوء الكلمات التي لا تكف عن المشاكسة والشجار فيما بينها كلما رأت طرق مختلفة ليحقق المرء نجاحه ويسدد خطاه على الطريق الذي يؤمن به ويرتاح له .
بهذا السؤال وأجب عنه بينك وبين نفسك عزيزي القارئ هل أنت قادر على تحمل مسؤولية رعاية شيء ما ؟ وماهي الاستراتيجية التي ستعتمد عليها في تحقيق ذلك ؟.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى