بقلم د .صالح وهبة
نحن نعيش في عالم متغير أمواجه تجيش بفيضانات البلادة والتبعية والتقليد الأعمى، لذا وجب علينا أن نوقظه من غفلته بواسطة المواجهة بالحوار لا بالمحاضرات النظرية التي من طرف واحد “ملقي ومستلقي ” ..ملقن ومستمع ..مؤديً ونايم والذباب يحوم حول وجهه ..
مطلوب منا إيقاظ الإنسان بشجاعة الوجود بأن يوجد ويعمل ويبحث ويخترع ويبدع ويكتشف ويميز وينتقي ما يناسبه مما يعرض عليه ..
وهذا يتطلب عمل حوارات حقيقية لها ضوابط وأسس تجعل الكلام يدخل في أعماق الشخص أو الاشخاص الذين يتم التحاور معهم ويؤثر فيهم ويغير منهم .
في هذه السطور التالية نعرض كل ما يخص الحوار الناجح من حيث المادة المصنوع منها الحوار والمواد الحافظة على تقديمه بالصورة المطلوبة مع التعرض للأخطاء الشائعة وفي النهاية نقدم الخلاصة مذيلة بالتحذيرات ثم بالنصائح العامة والإرشادات .
سنقدم الداتا بصورة جديدة ومشيقة بواسطة فقرات عناوينها حروف من كلمة “حوار ” وهي الحاء .. الواو .. الألف .. الراء “
“المواد الحافظة للحوار “
أولا ” الحاء “
حب ..حرص.. حذر
“حب” ..تفرق كتير عندما تتحدث مع شخص بحب أو تحادثه بقرف..
لو بدأت الحوار بابتسامة خفيفة تكون صنعت على الأقل مقدمة جميلة للحوار وثق تماما الابتسامة تبعث في الشخص الذي تحاوره الاطمئنان فيتقبل منك الكلام ويسهل عليك الحوار .. لكن التكشير يعمل حاجز بينك وبينه «مش عايز يسمع منك كلام »..
لو عندك تلميذ في الفصل وناديته باسمه، يحبك ويحب مادتك لأنه يحس أنك مهتم به ..
لمسة حب لطفلك لها تاثير كبير «تتحدث معاه وتطبطب عليه وتقنعه بالغلط مش تزعق فيه وتصدر قوانين ولوائح ونصائح وتصنع حدود » ..
“حرص “.. نحرص في من نحاور على مشاعر الشخص وثقافته ..
فمثلا .. يدخل مذيع بيت في العشوائيات ويتحدث مع أسره” على قد حالها ” فيقول ألفاظ مثل : it is too late أو sorry to bother you .
يجب الحديث مع الناس على قدر مستوى ثقافتهم .
احرص أيضا ألا تدخل مع شخص في صميم الموضوع بدون مقدمات وكأنك لجنة تحقيق وليس حوار فمثلا :
محاور يدخل المدرسة ويذهب لمكتب المدير لإجراء حوار معه وأول ما يدخل يقول : انا شايف الفصول زايطة وأنا داخل !!
” حذر “.. احذر أثناء الحوار تحكي خصوصياتك مع الشخص الذي تحاورة أو العكس فلا تسمح له بحكاية خصوصياته، ستجد وسائل الإعلام والإذاعات العالمية والقنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي تلقفتها .
لا تترك الحبل على القارب مع الشخص الذي تحاوره في الخروج عن موضوع الحوار . أو تطلب منه أن يحكي لك أسرار شخصية هو نفسه يندم أنه حكاها لك ويتجنبك طول العمر .
يجب على المحاور يضع نصب عينيه أن الحوار يسير في الطريق الصحيح (تقارب .. تناغم ..تفاهم .. تعارف .. تعاطف .. تبادل خبرة وليس تنافر .. حدة .. غضب .. خناق ..انفعال .. قفش ) .
نلاحظ ذلك مع الزوجة والزوجة ففي بعض الأحيان نجدهم يتحدثون عادي وبعد دقائق نلاقي الصوت علي وممكن توصل لخناقات…
على المحاور انتقاء الكلمات حتى يتلاشى انفعالات من يحاوره .
ثانيا ..” الواو”
وقت .. وضوح ..وداعة
” وقت ” ..
اعمل حساب وقت الحوار حتى تتكمل الداتا و تخرج من الحوار بفائدة.
حتي في البيت .فمثلا لا يصح للزوجة بمجرد دخول الزوج المنزل تستقبله بالشكوى من الأولاد مثلا .. (انتظري لغاية ما يرتاح وتعطي له الجرعة واحدة واحدة حتى يتقبلها )..
لابد من مراعاة العامل النفسي للشخص الذي تحاوره .
“وضوح” لابد من وضع خطة وهدف واضح من الحوار تتضمن أسئلة تجاوب عن ليه ؟؟ وازاي ؟ ولا تكون أسئلة تحقيق أو سوال وجواب كأننا نسأل تلميذ في الفصل بل يعقب السؤال مقدمة قصيرة ظريفة ولا سيما في “الحوار الصحفي “.
٠وداعة” مطلوب من المحاور الهدوء أثناء الحوار وخفض الصوت والحكيم يقول : عند غياب المنطق يرتفع الصراخ . كذلك التواضع وطول البال والبشاشة والتشجيع بالكلمة الحلوة .
ثالثا .. الألف
استماع .. احترام .. اقناع
استماع .. الاستماع الجيد لمن تحاوره ” فن” وعلم يدرس في بعض معاهد التربية والمشورة وعلم النفس ويسمى )active listening إزاي تستمع بفن وأنت باصص للشخص الذي تحاوره مراقب تعبيرات وجهه ولا لا ؟ .
“مفتاح نجاح الحوار الاستماع الجيد”.
لو رجل دين يعظ في الناس أو محاضر يلقي محاضرة وهو فقط الذي يتكلم ستجد من يغفو ومن يمل ومن يكون في الهزيع الرابع ولا أحد مهتم .
احترام ..الاحترام مادة حافظة للحوار كلما احترمت الشخص الذي تحاوره كلما تأثر بك وبادلك الاحترام .
إقناع ..أسئلة المحاور يجب أن تتسم بعنصر الإقناع وهذا يتوقف على ثقافة وفكر المحاور حتى ينعكس ذلك على الشخص الذي تحاوره فلا يتهرب من الإجابة حتى “وإن حاول” يظهر على ملامحه الهروب وأحيانا بعلو الصوت .
والمحاور الناجح هو الذي يجعل الكورة في ملعبه فيأخذ منه مايريده بسلاسة. ولطف دون انفعال .
رابعا .. الراء
رغبة .. روابط .. روحانيات
رغبة .. على المحار إذا وجد الذي يتحاور معه له رأي مختلف ، يستمع له ويحترم رأيه ويكون لديه رغبة في قبول الاختلاف ويضع في حسبانه هذا المبدأ “نختلف ولا نتخالف ” .
“روابط” .. يجب على المحاور البحث عن قاسم مشترك يتكلم فيه مع من يحاوره أو أرضية مشتركة ، فمثلا :
الحوار في موضوع يخص الأديان .. هنا نبحث عن العوامل المشتركة ونتحاور فيها مثل إن الله واحد وإن كل الأديان السماوية تدعو إلى المحبة والسلام والتسامح واحترام الآخر …..
الخلاصة
(١) ..المحاور الناجح يتجنب تكرار الكلام فالتكرار حتى لو حديثه جميلا يضيع الوقت المخصص للحوار ،
فالوجبة الشهية تكرارها يفقدها مذاقها وطعمها .
(٢) ..يراعي الترابط في الأفكار
من خلال أسئلة تبدأ بمقدمة جميلة تضفي على السؤال رونق وجاذبية وأن تكون الأسئلة كافية لتأدية الهدف من الحوار
(٣) ..يجب انتقاء الألفاظ .. فهي الفستان التي ترتديها عروسة أفكارك فحذاري أن تظهر في ثياب بالية .
الألفاظ هي مرآة شخصيتك وثقافتك .
يجب أن تدرك “الألفاظ نوعان نوع كالورد ينعش وآخر كالقنابل ينفجر في وجه الحاضرين”.
(٤) ..حافظ على الهدوء في الحوار وعدم المقاطعة .
(٥) استخدام كلمة “ولكن “في الحوار قد تلغي معنويا كل ما قبلها .
(٦) ..اتجه بجسمك كله لمن يتحدث إليك إن لم يكن “بوجهك على الأقل حتى لا يشعر من تحاوره بإهمال من ناحيتك “.
وفي النهاية
الناس لا يحبون نظام المحاضرات والاستماع من طرف واحد .
ويجب أن ندرك جيدًا .. يكشف سطر واحد من الحوار الناجح عن الشخصية بطريقة لا تستطيع صفحات الوصف القيام بها .
الكلمات المفتاحية
active listening …. الترابط .. الاحترام ..الاستماع … الإقناع..