بقلم .. ماهر اللطيف
ما إن رأته يغادر المسجد ظهراً كالعادة إثر خروج جميع المصلين و خلو المكان من كل بشر و هو يستعد لغلق المصلى، حتى اقتربت منه و رائحة عطرها تطوق الهواء و تحد من نقائه وصفائه و تنتشر في كافة الأرجاء وقد برزت معظم مفاتن الشابة و أجزاء من جسدها جراء ارتدائها لملابس شفافة وفاضحة، وهي ابنة الثلاثين من عمرها، صاحبة القوام الممشوق و الجسد الملتهب، ذات الجمال الفتان ،زرقاء العينين و سوداء الشعر، متوسطة الطول و صاحبة البشرة البيضاء تعودت على هذا الصنيع منذ فترة بعد أن أعجبت به ما إن رأته مرة صدفة في منزل صديقتها – ابنته – ….
اقتربت منه وهي تحمحم لتجلب انتباهه و يعيرها اهتماما و هو يتقدم صوب منزله بكل ثقة في النفس و لا يعبأ بما يحدث وراءه إلى أن أسرعت خطاها و اقتفت أثره إلى أن أمست خلفه و قالت بصوت مسموع رقيق:
لا يجوز لشيخ وقور أن يحتقر امرأة جميلة مثلي تتبعه حيثما ذهب وجاء ليلا و نهارا و لا يهتم بها
وقد احمر وجهه واضطرب استغفر الله العظيم و اتوب اليه، استغفر الله العظيم و اتوب اليه. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
مقهقهة ومقاطعة ويحك، هل تشبهني بالشيطان؟
-وقد تردد و فقد السيطرة على نفسه في لحظة ضعف مفاجئ حاشا لله بنيتي، أنا أطلب العون من الله لكي لا أضعف و استسلم لمشيئة الملعون و رغباته
ضاحكة وهي تخفي غضبها لماذا ستضعف ، هل راودتك عن نفسك أو طلبت منك شيئا يغضب الله؟
بثقة في النفس النفس أمارة بالسوء ابنتي و أنت ما شاء الله جميلة و فاتنة تعترضينني يوميا مرارا و تكرارا و تثيرين انتباه جميع من يراك
مقاطعة بصوت مرتفع.. هل أثرت انتباهك أنت، لا يهمني في بقية البشر؟
وقد امتلكه الخجل بكل تأكيد، فأنا بشر بنيتي
مقاطعة وهي تحاول الاقتراب منه و ضمه إلى صدرها و هو يمنعها و يفرض عليها البقاء حيث هي الحمد لله
بعد أن استرجع قواه وتوازنه ماذا تريدين مني، اوجزي؟
مبتسمة و مستعينة بيدها عند الحديث و الشرح والوصف قلت أني جميلة وفاتنة، فهل تراني فعلا كذلك؟ هل ترغب في إنشاء علاقة معينة معي؟ وهو يستعيذ من الشيطان و يستغفر الله باستمرار و عيناه مسمرتان أرضا هل تريد استغلال اهتمامي بك لتفعل بي ما تشاء خاصة واني حديثة الطلاق و هجر فراش الزوجية
مقاطعا بشدة و بصوت مرتفع اتقي الله بنيتي و كفي عن هذا الهراء. ما هذا الحديث و السيناريو الذي ألّفتيه؟ وهي تحدق النظر إليه و تبتلع ريقها و تقوم بحركات غير أخلاقية بلسانها و الشيخ يبتعد شيئا فشيئا وهي تمسك بذراعه مانعته من المغادرة أنت أصغر سنا من بناتي و لا يمكنني أن أراك في مرتبة غير مرتبتهن من جهة، وانا مخلص لزوجتي و علاقتي بها و إن ماتت من سنوات أتنفس ذكرياتها و حكاياتها من جهة ثانية، و أخاف الله و اسعى إلى تجنب الشرور و المساوئ قدر الإمكان من جهة ثالثة و هو الأهم…
و مازال يتحدث و يقنعها بعدم اكتراثه و اهتمامه بها كما تتصور و تعتقد أو تحاول ذلك، حتى أطلقت صوتها للصياح و مسكت الشيخ من قميصه، قبل أن تمزق جزءا من لباسها و تكشف عن جزء من ثديها وهي تبكي و تستنجد بالناس و توهمهم أن هذا الشيخ أراد التحرش بها قصد اغتصابها بعد تحويل وجهتها و ها انه قد شرع في ذلك عمليا إثر محاولة تجريدها من ثيابها غصبا
فتكاثر الناس و تجمهروا وهم يلعنون الشيخ و يشتمونه و يسمونه بشتى السمات و احقرها ولم يستمعوا إليه أو يعطوه الفرصة للدفاع عن نفسه إلى أن قدم الأمن و حمله مكبلا بالسلاسل مثل المجرمين وقد حاول بعض أعوان الأمن تهدئة روع المرأة و احاطتها على جميع الأصعدة و جلبها معهم إلى مركز الشرطة معززة و مكرمة – بما انها ضحية وحشية و تصابي هذا الشيخ كما يعتقدون-.
فيما كان الشيخ مشدوها و مصدوما لا يصدق ما يتعرض إليه من ضيم و ظلم جراء رفضه معصية الله و طاعة الشيطان و هذه الشابة المتمردة على كل خلق و أخلاق ودين و عادات وتقاليد
و ما هي إلّا دقائق حتى وجد نفسه في مكتب التحقيق و وابل من الاتهامات و الأسئلة تتهاطل عليه و تحاصره من كل جانب إلى أن فقد توازنه وثقته في نفسه ولم يعد يعلم ما يقول و يصرح به، و شرد ذهنه و بات جسدا بلا روح و هو يتذكر قصة سيدنا يوسف عليه السلام و ما عاناه من ظلم و سجن و اتهامات لازمته فترة من الزمن إلى أن تلاشى الباطل و اضمحل كما قال الله تعالى في صورة الاسراء: “وقل جاء الحق و زهق الباطل إن الباطل كان زهوقا”
فجأة أحس بإصبع عون يخزه و هو يأمره بأن يمضي على أقواله قبل أن يقتادوه إلى السجن في انتظار محاكمته على ما “اقترفه من ذنب”…